[فصل: في ذكر معاني الحروف.]
[للكاف أربعة معان أيضا]
  وللكاف أربعة معان أيضا:
  أحدها: التّشبيه، نحو: {وَرْدَةً كَالدِّهانِ}(١).
  والثّاني: التعليل، نحو: {وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ}(٢) أي: لهدايته إيّاكم.
  والثالث: الاستعلاء، قيل لبعضهم: كيف أصبحت؟ فقال: كخير، أي:
  عليه(٣)، وجعل منه الأخفش قولهم: (كن كما أنت) أي: على ما أنت عليه(٤).
= الثاني: أن تكون بمعنى الباء، نحو قوله سبحانه: {وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى} أي به.
الثالث: أن تكون بمعنى البدل، نحو قوله تعالى: {لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً} أي بدل نفس، وفي الحديث «صومي عن أمك» أي بدلها.
الرابع: أن تكون دالة على الاستعانة نحو قولك (رميت عن القوس).
الخامس: أن تكون للظرفية، نحو قول الشاعر:
وآس سراة الحيّ حيث لقيتهم ... ولا تك عن حمل الرّباعة وانيا
(١) سورة الرحمن، الآية: ٣٧.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٩٨، وقد ادعى قوم أن الكاف في هذه الآية الكريمة للتشبيه، وأن المقصود بقوله سبحانه {وَاذْكُرُوهُ} طلب الهداية، فوضع الخاص - وهو طلب الذكر - موضع العام الذي هو طلب الهداية، وكأنه قيل: فاهتدوا هداية مماثلة لهدايته إياكم.
(٣) سيأتي للمؤلف في فصل يعقده آخر هذا الباب للكلام على حذف حرف الجر أن يذكر أن رؤبة سئل: كيف أصبحت، فأجاب (خير والحمد للّه) بحذف حرف الجر وبقاء الاسم مجرورا، وقد ذهب قوم إلى أن الكاف في هذا الكلام للتشبيه، وأن الكلام على حذف مضاف، وكأنه قال: كصاحب خير.
(٤) وعلى كون الكاف بمعنى على تكون ما موصولة في محل جر بالكاف التي بمعنى على، وأنت: مبتدأ، وخبره محذوف، والجملة من المبتدأ وخبره لا محل لها من الإعراب صلة، وتقدير الكلام: كن على الحال الذي أنت عليه، ويجوز أن تكون ما زائدة ملغاة، وأنت: ضمير مرفوع أقيم مقام الضمير المجرور، وهو في محل جر بالكاف، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر كن، وكأنه قال: كن كأنت، أي كن فيما يستقبل من الزمان مماثلا لنفسك فيما مضى منه، أي استمر على ما عرف عنك وفيه أعاريب أخرى نكتفي منها بهذين.