أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[فصل: في ذكر معاني الحروف.]

صفحة 43 - الجزء 3

  والرابع: التوكيد، وهي الزائدة، نحو: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣(⁣١) أي: ليس شيء مثله⁣(⁣٢).

[معنى إلى وحتى انتهاء الغاية]

  ومعنى إلى وحتى انتهاء الغاية، مكانية أو زمانية، نحو: {مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى}⁣(⁣٣)، ونحو: {أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ}⁣(⁣٤). ونحو: (أكلت السّمكة حتّى رأسها) ونحو: {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}⁣(⁣٥).

  وإنّما يجرّ بحتى في الغالب آخر أو متّصل بآخر، كما مثلنا؛ فلا يقال: (سهرت البارحة حتّى نصفها)⁣(⁣٦).


(١) سورة الشورى، الآية: ١١.

(٢) وقد زاد النحاة على ما ذكره المؤلف من معاني الكاف المبادرة، وذلك إذا اتصلت بما، ومثلوا له بقولهم (سلم كما تدخل) وقولهم (صل كما يدخل الوقت) وممن ذكر هذا المعنى أبو سعيد السيرافي وابن الخباز والمؤلف في المغني.

(٣) سورة الإسراء، الآية: ١.

(٤) سورة البقرة، الآية: ١٨٧.

(٥) سورة القدر، الآية: ٥.

(٦) من غريب ما ذكر النحاة - ومنهم المؤلف في المغني - أن إلى تجيء بمعنى الفاء - وهو الترتيب - واستشهد على ذلك بقول الشاعر:

وأنت الّتي حبّبت شغبا إلى بدا ... إليّ وأوطاني بلاد سواهما

شغبا وبدا: موضعان، قالوا: أراد أنت حببت شغبا فبدا، ويدل على أنه أراد الترتيب الذي تدل عليه فاء العطف أنه يقول بعد هذا البيت:

حللت بهذا حلّة بعد حلّة ... بهذا، فطاب الواديان كلاهما

فإلى في قوله (إلى بدا) دالة على الترتيب، وإلى في قوله (إليّ) لوصل حببت بياء المتكلم، فالحرفان - وإن كانا بلفظ واحد - مختلفان في المعنى، وبهذا قد يعتذر عما قد يقال: إن حرف الجر لا يتعلق بفعل واحد مرتين، لأن محل المنع من تعلق الحرف الواحد بالفعل الواحد مرتين فيما إذا اتحد المعنى في المرتين، أما إذا اختلف المعنى =