أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب حروف الجر

صفحة 50 - الجزء 3


= مبني على السكون لا محل له من الإعراب (كالبرد) الكاف اسم بمعنى مثل مبني على الفتح في محل جر بعن، والجار والمجرور متعلق بيضحك والكاف الاسمية مضاف والبرد مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة (المنهم) صفة للبرد مجرورة بالكسرة الظاهرة.

الشاهد فيه: قوله (عن كالبرد) فإن الكاف في هذه العبارة اسم بمعنى مثل، بدليل دخول حرف الجر الذي هو عن عليها، وقد علمنا أن حرف الجر لا يدخل إلا على الاسم.

وهنا أمران لا بد أن نشير إليهما بكلمة لما ذكرناه قبل شرح هذا الشاهد مباشرة:

الأمر الأول: أن العلماء أجمعوا على أن الكاف تأتي اسما بمعنى مثل.

الأمر الثاني: بعد اتفاقهم على مجيء الكاف اسما بمعنى مثل اختلفوا: هل يختص ذلك بضرورة الشعر أو لا؟ فذهب الأخفش والفارسي وابن مالك إلى أنه لا يختص ذلك بضرورة الشعر، وهؤلاء جوزوا في نحو قولك (زيد كالأسد) أن تكون الكاف حرف جر، وأن تكون اسما بمعنى مثل أضيف إلى الأسد، قالوا: والدليل على صحة ما ذهب هؤلاء إليه كثرة مجيئه في كلام الفحول من الشعراء، مثل قول ذي الرمة:

أبيت على ميّ كئيبا، وبعلها ... على كالنّقا من عالج يتبطّح

فإن الكاف في قوله (كالنقا) اسم بمعنى مثل، بدليل دخول حرف الجر الذي هو على عليها، لأنك تعلم أن حرف الجر لا يدخل إلا على الاسم:

ونظيره قول امرئ القيس يصف فرسا:

ورحنا بكابن الماء يجنب وسطنا ... تصوّب فيه العين طورا وترتقي

الشاهد فيه: قوله (بكابن الماء) ووجه الاستشهاد دخول الباء على الكاف.

وقول الكميت بن زيد الأسدي:

علينا كالنّهاء مضاعفات ... من الماذيّ لم توز المنونا

وقول الأعشى ميمون بن قيس:

أتنتهون ولن ينهى ذوي شطط ... كالطّعن يهلك فيه الزّيت والفتل

وقول امرئ القيس بن حجر أيضا:

وإنّك لم يفخر عليك كفاخر ... ضعيف، ولم يغلبك مثل المغلّب

وقول الشاعر:

تيّم القلب حبّ كالبدر، لا، بل ... فاق حسنا من تيّم القلب حبّا