أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[خمسة أحرف تأتي أسماء، وهي الكاف، وعن، وعلى، ومذ، ومنذ]

صفحة 51 - الجزء 3

[والثاني والثالث: عن وعلى]

  والثاني والثالث: عن وعلى، وذلك⁣(⁣١) إذا دخلت عليهما (من) كقوله:

  [٣٠٤] -

  من عن يميني مرّة وأمامي


= ومع كثرة هذه الشواهد لا يجوز أن يقال: إن سبيل ذلك ضرورة الشعر، وتأويل هذه الأبيات بحمل الكاف وما بعدها على أنهما جار ومجرور في محل صفة لموصوف محذوف يقع مبتدأ أو فاعلا أو مضافا إليه أو نحو ذلك مما يبعد الثقة بدلالة الكلام على ما يستدل به عليه؛ فإنه ما من كلام إلا ويمكن التأويل فيه، وسبيل الشواهد العربية أن تحمل على ظاهرها، ما لم يقم دليل على أن هذا الظاهر غير صحيح؛ فحينئذ يصح أن يذهب إلى التأويل، فاعرف هذا وكن منه على ثبت، واللّه تعالى المسؤول أن ينفعك به.

(١) قد تبع المؤلف - في تحديد الموضع الذي تكون على وعن فيه اسمين بدخول من عليهما - ظاهر عبارة ابن مالك، مع أنها عند التحقيق لا تدل على اختصاص اسميتهما بدخول من، والحق أن قوله (من أجل ذا عليهما من دخلا) ليس ضابطا، بل هو دليل اسميتهما؛ لأن حرف الجر لا يدخل على الحرف، ألا ترى أن (على) قد دخلت على (عن) في قوله:

على عن يميني مرّت الطّير سنّحا

وسنذكره كاملا في آخر شرح الشاهد رقم ٣٠٤ الآتي.

[٣٠٤] - هذا الشاهد من كلام قطري بن الفجاءة التميمي الخارجي، وما ذكره المؤلف عجز بيت من الكامل، وصدره قوله:

فلقد أراني للرّماح دريئة

اللغة: (دريئة) الدريئة - بفتح الدال - الغرض الذي ينصب ليتعلم عليه الرمي، وتحتمل جملة (أراني للرماح دريئة) معنيين؛ أحدهما أنه وصف نفسه بكونه فارسا شجاعا وأنه يصبر على الجلاد ويقيم في معمعة الحرب حين يفر الأبطال وينهزم الكماة، فتتقاذف نحوه رماح الأعداء، وتترامى عليه نبالهم، فتارة تأتيه من ههنا، وتارة تأتيه من ههناك، والمعنى الثاني: أن أصحابه المحاربين معه يتخذونه جنة لهم ووقاية يتقون به رمايا الأعداء؛ فيقدمونه عليهم ثقة برباطة جأشه واجتماع خصال الصبر والإقدام والمهارة فيه (من عن يميني) أراد من جهة يميني.

الإعراب: (ولقد) الواو حرف قسم وجر، والمقسم به محذوف، وكأنه قد قال: واللّه لقد أراني - إلخ، واللام واقعة في جواب القسم المقدر، وقد: حرف تحقيق مبني على السكون لا محل له من الإعراب (أراني) أرى: فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على =