أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[الباب الثالث: باب جمع المذكر السالم]

صفحة 73 - الجزء 1


=

تراه - وقد فات الرّماة - كأنّه ... أمام الرّماة مصغي الخدّ أصلم

ومنه قول ابن قيس الرقيات:

لا بارك اللّه في الغواني هل ... يصبحن إلّا لهنّ مطّلب

ومنهم من ذهب إلى أن هذه الياء ليست لام الفعل التي يجب حذفها للجزم، بل لام الفعل قد حذفت فعلا للجزم فصارت العبارة «ألم يأتك» بغير ياء، ثم أشبع كسرة التاء فنشأت عن إشباعها ياء أخرى غير اللام، وهؤلاء قالوا: إن الشاعر كثيرا ما يضطر إلى إشباع الحركة فينشأ عن ذلك الإشباع حرف علة من جنس الحركة، ولذلك أمثلة منها قول عنترة بن شدّاد العبسي:

ينباع من ذفرى غضوب جسرة ... زيّافة مثل الفنيق المكدم

فإنه أراد أن يقول: «ينبع» على وزن يفتح، فأشبع حركة الباء - وهي الفتحة - فنشأت عنها ألف، ومنها قول الآخر:

وأنّني حيثما يثني الهوى بصري ... من حيثما سلكوا أدنو فأنظور

فإنه أراد أن يقول «فأنظر» فأشبع حركة الظاء - وهي الضمة - فنشأت عنها واو، وقد اختار هذا التوجيه أبو البركات الأنباري في كتابه «الإنصاف».

ومن العلماء من قال: إن ما ورد في هذا البيت ضرورة من الضرورات التي تسوغ للشاعر، ولا تسوغ لغيره، ومنهم المؤلف في هذا الكتاب، ولم يبين هؤلاء وجه هذه الضرورة، ووجهها - عند التحقيق - واحد مما ذكرناه أولا، فاحفظ هذا، واحرص عليه، واللّه ينفعك به.

ونظير هذا البيت قول الآخر:

إذا العجوز غضبت فطلّق ... ولا ترضّاها ولا تملّق

الشاهد فيه قوله: «ولا ترضاها» حيث أثبت الألف، وفيه كل ما ذكرناه. ونظيره قول الآخر:

هجوت زبّان ثمّ جئت معتذرا ... من هجو زبّان لم تهجو ولم

ونظيره قول الآخر، وأنشده أحمد بن يحيى ثعلب:

كأنّ العين خالطها قذاها ... بعوّار فلم تقضي كراها

ونظيره قول عبد يغوث بن وقاص الحارثي:

وتضحك منّي شيخة عبشميّة ... كأن لم ترى قبلي أسيرا يمانيا

ونظيره ما أنشده القالي عن ثعلب:

كأن لم ترى قبلي أسيرا مقيّدا ... ولا رجلا يرمى به الرّجوان