[فصل: تكون الإضافة على معنى حرف من ثلاثة أحرف من حروف الجر]
= وفي - هو ما رآه مالك تبعا لطائفة من النحاة، وتبعه شارحو كلامه، ومنهم المؤلف، وقد ذهب أبو حيان إلى أن الإضافة ليست على معنى حرف أصلا، ولا هي على نية حرف، وذهب أبو إسحاق الزجاج وأبو الحسن بن الصائغ إلى أن الإضافة تكون على معنى اللام، ليس غير، وكان ابن الصائغ يتكلف لذلك فيقول: إن قولنا (ثوب خز) - وهو ما يجعله الجمهور وابن مالك على معنى من - هو على معنى اللام التي للاستحقاق، لأن الثوب مستحق للخز الذي هو أصله، وذهب الجمهور إلى أن الإضافة تكون على معنى اللام أو على معنى من، ولا تكون على معنى في، فالأقوال في هذه المسألة أربعة، وقد عرفت تفصيلها.
ثم اعلم أن أكثر ما تجيء على معنى اللام، لأن ذلك هو الأصل، حتى إن الزجاج وابن الصائغ لم يذكرا إلا هذا النوع، ولذلك ذهب الزجاج إلى أن المضاف إليه مجرور بمعنى اللام كما عرفت في بيان عامل الجر في المضاف إليه، ومعنى اللام هو الملك في نحو (مال زيد) و (ثوب بكر) و (دراهم خالد) والاختصاص في نحو (لجام الفرس) و (حصير المسجد) و (قناديل الدار) ولم يذكروا لهذا النوع ضابطا عاما، بل ذكروا أنه ما لم تكن الإضافة على معنى في أو على معنى من فهي على معنى اللام.
ويلي هذا النوع من الكثرة أن تكون على معنى من، ومعنى من هنا هو بيان الجنس، وقد ذكروا - وتبعهم المؤلف لهذا النوع ضابطا مؤلفا من شقين، الأول أن يكون المضاف بعض المضاف إليه، والثاني أن يكون المضاف إليه صالحا للإخبار به عن المضاف، وجعلوا من هذا النوع إضافة العدد إلى المعدود نحو (ثلاثة أثواب) وإضافة العدد إلى عدد آخر نحو (ثلاث مائة) و (أربعة آلاف) وإضافة المقادير إلى المقدرات، نحو (رطل تفاح) و (شبر أرض).
ويلي هذا النوع أن تكون الإضافة على معنى في، وجعلوا لهذا النوع ضابطا، وهو أن يكون المضاف إليه ظرفا للمضاف، إما مكانا نحو قوله تعالى: {يا صاحِبَيِ السِّجْنِ} ونحو قولك (عثمان شهيد الدار) وقولك (قتيل المعركة) وإما زمانا، نحو قولك (الحسين ¥ شهيد كربلاء) وقولك (ابن الزبير ¥ عائذ البيت) وقولهم (أبو العلاء المعري رهين المحبسين) ونحو قوله تعالى: {تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} وقوله جلت كلمته {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ} وقولك (هذا عمل النهار) و (هذا عبث الصبا) ونحو قولك (فتى العصر) ولم يذكر هذا النوع إلا قلة من النحويين، وتبعهم ابن مالك، وجرى المؤلف مجراه.