أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[مسألة: لا تجوز إضافة اسم لمرادفه]

صفحة 97 - الجزء 3

[مسألة: لا تجوز إضافة اسم لمرادفه]

  مسألة: لا يضاف اسم لمرادفه⁣(⁣١)، ك (ليث أسد) ولا موصوف إلى صفته، ك (رجل فاضل) ولا صفة إلى موصوفها، ك (فاضل رجل) فإن سمع ما يوهم شيئا من ذلك، يؤوّل.


(١) ههنا شيئان أحب أن أنبهك إليهما:

الأول: أن أنبهك إلى ما سبق ذكره من أن الغرض من الإضافة هو تعريف المضاف بالمضاف إليه أو تخصيصه به، ومن المعلوم أن الشيء لا يتعرف بنفسه ولا يتخصص، لأن في ادعاء تعرفه بنفسه، وفي دعوى تخصصه بنفسه تناقضا، لأن معنى طلب تعريفه أو تخصيصه أنه غير معرف ولا مخصص، وإلا ما طلبت له التعريف أو التخصيص، ومعنى كونه يتعرف بنفسه أو يتخصص أنه معرف أو مخصص، وإلا لما كانت نفسه معرفة ولا مخصصة، فلما كانت إضافة الشيء إلى نفسه توقع في التناقض امتنع البصريون من قبولها، وأوجبوا فيما يتوهم فيه من الإضافة أنه من إضافة الشيء إلى نفسه التأويل في المضاف والمضاف إليه حتى يصير أحدهما غير الآخر.

وذهب الكوفيون إلى أنه يجوز أن يضاف الشيء إلى نفسه، متى اختلف اللفظان، وجعلوا اختلاف اللفظين بمنزلة اختلاف المعنيين، فلم يحتاجوا إلى التأويل الذي ارتكبه البصريون.

واحتج الكوفيون بورود ما منعه البصريون - من إضافة الاسم إلى اللقلب، وإضافة الصفة إلى الموصوف، وإضافة الموصوف إلى الصفة، ومتى ورد عن العرب في الكلام المنثور لم يكن بد من قبوله، وسلكوا - مع هذا السماع - طريقا من القياس حاصله أن العرب قد جاء في كلامها عطف الشيء على مرادفه، كما في قول الشاعر:

وقدّدت الأديم لراهشيه ... وألفي قولها كذبا ومينا

والأصل في العطف أن يكون المعطوف غير المعطوف عليه، فلما استساغوا في العطف أن يتركوا الأصل ويعطفوا أحد المترادفين على الآخر قسنا باب الإضافة على باب العطف، إذ كان الشأن فيهما من هذه الجهة واحدا.

الأمر الثاني: أن ابن مالك قد اختار في كتاب التسهيل مذهب الكوفيين فجوز ما منعه هنا من إضافة الشيء إلى ما اتحد به في المعنى، وقسم الإضافة إلى ثلاثة أقسام: إضافة محضة، وإضافة غير محضة وهي اللفظية، وإضافة شبيهة بالمحضة، وجعل من القسم الثالث الذي استحدثه وزاده على كلام القوم إضافة الصفة إلى الموصوف، وإضافة الموصوف إلى الصفة، وإضافة المسمى إلى الاسم.