هذا باب الإضافة
  وما يختصّ بضمير المخاطب، وهو مصادر مثنّاة لفظا، ومعناها التّكرار، وهي (لبّيك) بمعنى إقامة على إجابتك بعد إقامة، و (سعديك) بمعنى إسعادا لك بعد إسعاد، ولا تستعمل إلا بعد لبّيك، و (حنانيك) بمعنى تحنّنا عليك بعد تحنّن، و (دواليك) بمعنى تداولا بعد تداول، و (هذاذيك) - بذالين معجمتين - بمعنى:
  إسراعا بعد إسراع، قال:
  [٣٢٨] -
  ضربا هذاذيك وطعنا وخضا
= الظرفية، وأشبه الأقوال في هذه المسألة هو قول القائلين بأنه مصدر لا فعل له من لفظه، لأنه بأوزان المصادر، ولم يثبت مجيء الفعل إلا في حكاية ضعيفة.
ثم اعلم إذا قلت (مررت بزيد وحده) وجعلت (وحده) حالا، فهل هو حال من الفاعل الذي هو تاء المتكلم أم هو حال من المجرور بحرف الجر! ذهب الخليل بن أحمد إلى أنه حال من تاء المتكلم، وعلى هذا يكون معنى (مررت بزيد وحده) أنك أفردته بالمرور به فلم تمر على غيره، وذهب أبو العباس المبرد إلى أنه حال من المجرور بالباء، وأن معنى العبارة المذكورة أنك مررت به في حال كونه منفردا، وقد رجح العلماء ما ذهب إليه أبو العباس المبرد، بسبب اطراده في كل الأمثلة التي يذكر فيها هذا اللفظ نحو قولنا (لا إله إلا اللّه وحده) ألا ترى أن المعنى على ما ذهب إليه الخليل أنك أفردت اللّه تعالى بالألوهية، والواقع أنه سبحانه منفرد بها من ذاته، وفي النفس من هذا الترجيح شيء؛ لأن المسلمين مجمعون على أن هذه العبارة تسمى كلمة التوحيد، وعلى أن قائلها موحد، وهذا لا يتم إلا على المعنى الذي ذكره الخليل.
[٣٢٨] - هذا الشاهد من أرجوزه للعجاج يمدح فيها الحجاج بن يوسف الثقفي، والذي ذكره المؤلف بيت من الرجز المشطور، وبعده قوله:
يمضي إلى عاصي العروق النّحضا
اللغة: (ضربا هذاذيك) أي: ضربا يهذ هذا ويهذ هذا، وقيل في تفسيره: يهذ هذا بعد هذ - أو معناه ضربا سريعا فيه إسراع بعد إسراع، وقوله: (وطعنا وخضا) أي: طعنا يصل إلى الجوف، وإن لم ينفذ. وقيل: هو بعكس ذلك، أي الطعن الذي لا يصل إلى الجوف، ولعله من الأضداد، أي الألفاظ التي يستعمل كل واحد منها في معنيين متضادين، وقيل: معنى وخض التحريض (عاصي العروق) العرق الذي يسيل ولا يرقأ، ويجمع على عواص (النحضا) بفتح النون وسكون الحاء المهملة وآخره ضاد معجمة - هو اللحم المكتنز كلحم الفخذ، كأن الطعن يمزق أجسامهم فينقل قطعا من =