أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[مما تلزم إضافته «مع»]

صفحة 133 - الجزء 3

  السادس: أنها لا تقع إلا فضلة، تقول (السّفر من عند البصرة) ولا تقول (من لدن البصرة).

[مما تلزم إضافته «مع»]

  ومنها (مع) وهو اسم لمكان الاجتماع، معرب، إلّا في لغة ربيعة وغنم فتبنى على السكون كقوله:

  [٣٤٣] -

  فريشي منكم وهواي معكم


= فرارا مما ذكرت من الاعتراض، وعلى هذا لا يكون لفظ غدوة المنصوب رافعا لإبهام مفرد أو نسبة، وإلا لكان تمييزا حقيقة، ووجه الشبه بين التمييز ولفظ غدوة أن كلّا منهما واقع بعد تمام الاسم، وتمام الاسم يكون بلحاق التنوين وحركات الإعراب، وقد علمنا أن دال لدن فيها ثلاث لغات الفتح والضم والكسر وأن النون واقعة بعد هذه الدال، فأشبهت حركات الدال حركات الإعراب، وأشبهت النون التنوين.

[٣٤٣] - هذا الشاهد قد نسبه الأعلم في شرح شواهد سيبويه (ج ٢ ص ٤٥) إلى الراعي، ونسبه العيني إلى جرير من كلمة يمدح فيها هشام بن عبد الملك بن مروان، وما ذكره المؤلف صدر بيت من الوافر، وعجزه قوله:

وإن كانت مودّتكم لماما

اللغة: (فريشي) الريش - بكسر الراء - اللباس الفاخر، ومثله الرياش، وفي القرآن الكريم {يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ} والريش أيضا: المال والخصب والمعاش، ويطلق من باب المجاز على القوة، ويجوز أن يراد كل واحد من هذه المعاني في هذا البيت، وكأنه يقول على الأخير: إن قوتي بالاعتصام بكم والالتجاء إليكم (وهواي معكم) الهوى - بفتح أوله مقصورا - الميل القلبي، يريد أن ميله إليهم وتعصبه لهم (لماما) بكسر أوله - هو من قولهم (فلان يزورنا لماما) بمعنى أنه يزورنا في بعض الأحايين، وقتا بعد وقت، وهذه هي زيارة الغب التي قيل فيها (زر غبا تزدد حبا).

المعنى: يقول: إن قلبي لمعكم، وإن هواي لمنصرف إليكم دون من دعاكم من الناس، وإن كل ما عندي من مال ولباس، أو ما أشعر به من القوة والجلادة، فهو منكم وبسبب اعتضادي بكم وارتكاني إليكم، وإن تكن زيارتي إياكم ليست متصلة؛ لأني لا أعول على المظاهر التي منها توالي الزيارة وتتابعها. =