أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[فصل: يجوز حذف ما علم من مضاف أو مضاف إليه، وتفصيل كل حالة منهما]

صفحة 149 - الجزء 3

  وتخالفها في أمرين: أنها لا تستعمل إلّا مجرورة بمن، وأنّها لا تستعمل مضافة، كذا قال جماعة، منهم ابن أبي الرّبيع، وهو الحق، وظاهر ذكر ابن مالك لها في عداد هذه الألفاظ أنّها يجوز إضافتها، وقد صرّح الجوهري بذلك، فقال: يقال (أتيته من عل الدّار) بكسر اللّام - أي: من عال - ومقتضى قوله⁣(⁣١):

  وأعربوا نصبا إذا ما نكّرا ... قبلا وما من بعده قد ذكرا

  أنّها يجوز انتصابها على الظّرفيّة، أو غيرها، وما أظنّ شيئا من الأمرين موجودا.

  وإنما بسطت القول قليلا في شرح هاتين الكلمتين، لأنّي لم أر أحدا وفّاهما حقّهما من الشّرح، وفيما ذكرته كفاية والحمد للّه.

[فصل: يجوز حذف ما علم من مضاف أو مضاف إليه، وتفصيل كل حالة منهما]

  فصل: يجوز أن يحذف ما علم من مضاف ومضاف إليه.

  فإن كان المحذوف المضاف⁣(⁣٢)؛ فالغالب أن يخلفه في إعرابه المضاف إليه،


= أو أعلى تل أو أعلى شيء آخر، ولهذا تجد المؤلف قال (أي من شيء عال).

وبهذا التقرير تعلم أن (عل) نكرة وأن التنوين إنما حذف للوقف، وتعلم ما في كلام العلامة الصبان من التهافت حيث زعم أن حذف التنوين كما يصلح أن يكون لأجل الوقف يصلح أن يكون لكون الشاعر قد نوى لفظ المضاف إليه؛ لأن الشاعر لا يمكن أن يريد لفظ المضاف إليه، وإلا فسد المعنى الذي قصد إليه، فاعرف ذلك، ولا تكن ممن يعرف الحق بنسبته إلى الرجال.

[١) هذا من كلام ابن مالك في الألفية.

(٢) يشترط لجواز حذف المضاف شرطان، أحدهما أن يقوم دليل يدل على المحذوف لئلا يقع اللبس، فلو قلت (جلست زيدا) تريد جلست جلوس زيد، لم يصح ذلك، لأنه ليس في الكلام ما يدل على الجلوس المقدر، والكلام يحتمل ما زعمت أنك تريده ويحتمل أن يكون التقدير: جلست إلى زيد، فحذف حرف الجر، فانتصب الاسم الذي كان مجرورا، والشرط الثاني: أن يكون المضاف إليه الجر، فانتصب الاسم الذي كان مجرورا، والشرط الثاني: أن يكون المضاف إليه مفردا لا جملة، لأنه لو كان المضاف إليه جملة لم يستدل على المحذوف، ولم تصح إقامة المضاف إليه مقام المضاف المحذوف.