[فصل: يجوز حذف ما علم من مضاف أو مضاف إليه، وتفصيل كل حالة منهما]
  نحو: {وَجاءَ رَبُّكَ}(١) أي: أمر ربّك، ونحو: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ}(٢)، أي: أهل القرية.
  وقد يبقى على جرّه، وشرط ذلك في الغالب: أن يكون المحذوف معطوفا، على مضاف بمعناه، كقولهم: (ما مثل عبد اللّه ولا أخيه يقولان ذلك) أي: ولا مثل أخيه؛ بدليل قولهم (يقولان) بالتثنية(٣)، وقوله:
(١) سورة الفجر، الآية: ٢٢، وخير من تقدير المؤلف المحذوف بأمر تقديره برسول لأن الأمر من المعاني، والمجيء لا يتعلق إلا بالأجسام، ومن أجل أن اللّه تعالى منزه عن الجسمية وجب تقدير مضاف مناسب.
(٢) سورة يوسف، الآية: ٨٢، والدليل على أن في الآية مضافا محذوفا استحالة سؤال القرية وهي على معناها، وهذا مجاز بالحذف، ويجوز فيها وجه آخر، وهو أن تريد بلفظ القرية أهلها مجازا مرسلا علاقته الحالية والمحلية.
(٣) إذا قلت (مثل عبد اللّه وأخيه يقولان ذلك) فلهذا الكلام إعرابان أحدهما مستقيم صحيح، والآخر فاسد، فأما الإعراب المستقيم الصحيح فأن تجعل (مثل) مبتدأ، و (عبد اللّه) مضافا إليه، و (أخيه) مضافا إليه لمضاف محذوف مماثل للمذكور معطوف على المبتدأ، وتقدير الكلام: مثل عبد اللّه ومثل أخيه، وجملة (يقولان ذلك) خبر المبتدأ وما عطف عليه، وأما الإعراب الفاسد فأن تجعل (مثل) مبتدأ، و (عبد اللّه) مضافا إليه، و (أخيه) معطوفا على عبد اللّه، وجملة (يقولان ذلك) خبر المبتدأ، وإنما كان هذا الإعراب فاسدا لأنك قد جعلت المثنى - وهو جملة (يقولان ذلك] - خبرا عن المفرد - وهو (مثل) وقد علمت أن المبتدأ والخبر يجب أن يتطابقا في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث، فأما في الإعراب الأول الصحيح فإنك لم تجعل جملة (يقولان ذلك) خبرا عن مثل إلا بعد أن عطفت عليه مثلا آخر، فصار هذا الخبر المثنى خبرا عن اثنين، وكذلك لو قلت (ما مثل عبد اللّه ولا أخيه يقولان ذلك) ولو قلت (ما مثل عبد اللّه وأخيه وأبيه يقولون ذلك) لزمك أن تقدر (مثل) مرتين ليصح الكلام، وكأنك قلت: مثل عبد اللّه ومثل أخيه ومثل أبيه يقولون ذلك، ففي هذا المثال ونحوه حذف المضاف وهو مثل، وبقي المضاف إليه على جره الذي كان له قبل حذف المضاف، والشرط موجود، وهو أن هذا المضاف المحذوف معطوف في التقدير على مضاف آخر بمعناه.