أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[يعمل المصدر عمل فعله]

صفحة 180 - الجزء 3

[يعمل المصدر عمل فعله]

  ويعمل المصدر عمل فعله، إن كان يحلّ محلّه فعل⁣(⁣١)، إمّا مع (أن)،


= المصدر يدل على الحدث الذي هو الفعل الحاصل من الفاعل، وعبارة المؤلف تجري على هذا القول، إلا أن تتكلف التأويل الذي ذكرناه لك قريبا.

(١) ههنا ثلاثة أمور أرى الحاجة ماسة إلى إيضاحها لك لكي تفهم كلام المؤلف على وجهه فهما صحيحا.

الأمر الأول: أنك حين تستعمل المصدر في كلامك إما أن تريد به ثبوت ما يدل عليه من الحدث، وإما أن تريد به حدوث ما يدل عليه من الحدث في أحد الأزمنة الثلاثة الماضي والحال والمستقبل:

فإن أردت بالمصدر الدلالة على ثبوت ما يدل عليه من الحدث فإنه حينئذ لا يصلح لأن يحل محله فعل لا مع ما ولا مع أن، لأن طبيعة الفعل دالة على الحدوث وأنت لم ترده وإن أردت بالمصدر الدلالة على حدوث ما يدل عليه من الحدث في الزمن الحاضر كان عليك أن تقدره بما المصدرية وتقدر معها الفعل المضارع، أما تقديره بما المصدرية حينئذ فلأن أن المصدرية لا تصلح لهذا الموضع لأنها مع الفعل الماضي تبقيه على حاله وهو الدلالة على حدوث الحدث في الزمن الماضي ومع الفعل المضارع تخلصه للدلالة على الاستقبال، فلما لم يمكنك أن تقدر المصدر بأن في هذه الحالة لزمك أن تقدره بما؛ لأنها صالحة للاستعمال في الأحوال كلها.

وإن أردت بالمصدر الدلالة على حدوث الحدث في الزمن الماضي أو في الزمن المستقبل فإنه يلزمك أن تقدره بأن المصدرية، وتقدر مع أن حين تريد الزمن الماضي الفعل الماضي لأنه هو الذي يدل على هذا الزمن، وتقدر معها حين تريد الزمن المستقبل الفعل المضارع لأنه هو الصالح للدلالة على هذا الزمن.

فإن قلت: وإذا كانت (ما) المصدرية صالحة للدلالة على الأزمنة الثلاثة كما تقول، فلماذا لا أقدرها دائما، وألزمتني أن أقدر في بعض الأحوال (ما) وفي بعضها الآخر (أن)؟.

قلت: الأصل في الحروف المصدرية هو (أن) ومن أجل ذلك يسمونها أم الباب، فهم يقدرونها لهذا السبب، ولم يعدلوا عن تقديرها إلا في الحالة التي يكون تقديرها غير ممكن، وهي حالة ما إذا أريد بالمصدر الدلالة على الحدوث في الزمن الحاضر، وشيء آخر وهو أنك إذا التزمت تقدير المصدر بما التبس على من يسمعك الأمر في بعض الصور، وهي الصورة التي تقدر فيها المصدر بما والفعل المضارع، فإن السامع =