أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب إعمال المصدر، واسمه

صفحة 182 - الجزء 3


= هذا الشرط الكوفيون، فزعموا أن ضمير المصدر كالمصدر، واستدلوا بورود ذلك في قول زهير بن أبي سلمى:

وما الحرب إلّا ما علمتم وذقتم ... وما هو عنها بالحديث المرجّم

زعموا أن (عنها) متعلق بالضمير، ورد البصريون هذا الاستدلال بإنكار أن يكون عنها متعلقا بالضمير، وادعوا أنه متعلق بفعل محذوف، أو متعلق بالمرجم في آخر البيت وتقدم عليه ضرورة، أو متعلق بمحذوف يدل عليه المرجم، أي وما هو مرجم عنها بالحديث المرجم.

الشرط الثالث: ألا يكون محدودا، أي مقترنا بالتاء التي تدل على الوحدة، فلا يجوز أن تقول (غضبت من ضربتك زيدا) وأما قول الشاعر:

يحابي به الجلد الّذي هو حازم ... بضربة كفّيه الملا نفس راكب

حيث أضاف ضربة إلى كفيه على أنه فاعله ثم نصب الملا بضربة على أنه مفعوله فهذا شاذ، لأنه بيت لا يعرف قائله ولم يعرف له نظير.

فإن كانت التاء مما وضع المصدر عليها لم تمنع عمله، نحو قول الشاعر:

فلولا رجاء النّصر منك ورهبة ... عقابك قد كانوا لنا كالموارد

فقد نصب قوله: (عقابك) برهبة، لأن التاء في رهبة قد بني عليها المصدر كرحمة ورغبة، وليست مما زيد على المصدر للدلالة على الوحدة، والمصدر الموضوع بالتاء كالمجرد منها، ولهذا يدل على الوحدة منه بالوصف فيقال: رهبة واحدة، ورحمة واحدة، ورغبة واحدة، وهلم جرا.

الشرط الرابع: ألا يكون موصوفا قبل العمل، فأما قول الحطيئة:

أزمعت يأسا مبينا من نوالكم ... ولا يرى طاردا للحرّ كالياس

فإن ظاهره أن قوله: (من نوالكم) متعلق بيأس الذي هو مصدر يئس ييأس - من باب علم يعلم - مع أن هذا المصدر موصوف بقوله (مبينا) وقد وقع هذا الوصف قبل المعمول، فإن هذا الظاهر غير لازم. لجواز أن يكون الجار والمجرور متعلقا بفعل محذوف يدل عليه هذا المصدر.

فإن كان النعت واقعا في الكلام بعد المعمول فلا غبار عليه، ومن ذلك قول الشاعر:

إنّ وجدي بك الشّديد أراني ... عاذرا فيك من عهدت عذولا

ويلحق بالنعت بقية التوابع كالتوحيد والعطف، فلا يعمل المصدر إذا أتبع بتابع أي تابع قبل العمل. =