هذا باب إعمال اسم الفاعل
=
فتاتان أمّا منهما فشبيهة ... هلالا، وأخرى منهما تشبه البدرا
وقد وجدت في شعر عبد اللّه بن قيس الرقيات هذا البيت بروي آخر، وأنا أسوقه إليك مع بيت آخر لتدرك أن النحاة غيروا فيه بعض التغيير:
فتاتان أمّا منهما فشبيهة ... هلالا، وأخرى منهما تشبه الشّمسا
فتاتان في سعد السعود ولدتما ... ولم تلقيا يوما هوانا ولا نحسا
اللغة: (فتاتان) تثنية فتاة، وهي الجارية الحديثة السن، والغلام فتى، وتصغر الفتاة على فتية، ويصغر الفتى على فتيّ، وتجمع الفتاة على فتيات، ويجمع الفتى على فتيان، ومن العرب من يقول: فتوان، والأصل في هذه المادة فتاء السن، وهو الشباب، يقال: قد فتي يفتى - مثل رضي يرضى - فهو فتيّ السن بين الفتاء - بالفتح والمد - (هلالا) الهلال: اسم للقمر في ليلتين من أول الشهر أو ثلاث ليال، سموه بذلك لأن الناس يهللون عند رؤيته: أي يرفعون أصواتهم بالدعاء (البدر) هو القمر ليلة تمه وكماله.
الإعراب: (فتاتان) خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: هما فتاتان، أو أنتما فتاتان، مرفوع بالألف نيابة عن الضمة لأنه مثنى، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد (أما) حرف شرط وتفصيل مبني على السكون لا محل له من الإعراب (منهما) جار ومجرور متعلق بمحذوف يقع صفة لموصوف محذوف يقع مبتدأ، وتقدير الكلام: أما واحدة كائنة منهما (فشبيهة) الفاء زائدة وجوبا في خبر المبتدأ، شبيهة: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة، وفيه ضمير مستتر تقديره هي، وهو فاعله (هلالا) مفعول به لشبيهة منصوب بالفتحة الظاهرة (وأخرى) الواو حرف عطف، أخرى: صفة لموصوف محذوف يقع مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر (منهما) جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لأخرى (تشبه) فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي (البدرا) مفعول به لتشبه منصوب بالفتحة الظاهرة والألف للإطلاق، وجملة تشبه وفاعله المستتر فيه ومفعوله في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو موصوف أخرى، وتقدير الكلام: وواحدة منهما تشبه البدر.
الشاهد فيه: قوله (فشبيهة هلالا) حيث أعمل صيغة المبالغة وهي قوله (شبيهة) إعمال الفعل واسم الفاعل؛ فنصب بها المفعول به، وهو قوله (هلالا)، واسم المبالغة هنا معتمد على مخبر عنه محذوف، والتقدير: أما فتاة منهما فهي شبيهة هلالا.
وقد أنشد سيبويه في هذا الموضع قول الشاعر: =