هذا باب إعمال اسم الفاعل
= نصب بهذا الجمع قوله (حبك النطاق) ومن إعمال جمعه جمع المذكر السالم قول اللّه تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً} ومن إعمال جمعه جمع المؤنث السالم قوله تباركت كلمته: {هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ} فإن كاشفات جمع كاشفة جمع مؤنث سالم وقد نصب به ضره، وقد اجتمع إعمال جمع المؤنث السالم وجمع التكسير في قول العجاج بن رؤبة:
وربّ هذا البلد المحرّم ... والقاطنات البيت غير الرّيّم
أوالفا مكّة من ورق الحمى
القاطنات: جمع قاطنة جمع المؤنث السالم، وقد نصب به البيت، وأوالف: جمع آلفة جمع التكسير، وقد نصب به مكة.
وأنت تعلم أن التثنية والجمع بأنواعه - نعني سواء أكان جمع تكسير أم كان جمع مذكر سالما أم كان جمع مؤنث سالما - من خصائص الأسماء، فكان من حق المثنى والمجموع من أسماء الفاعلين ألا يعمل، لأنه بالتثنية والجمع بعد شبهه بالفعل، لكنا لا نعلم خلافا بين النحاة في جواز إعمال المثنى والمجموع من أسماء الفاعلين، وكيف يختلفون في جواز إعماله مع أن إعماله قد ورد صريحا في أفصح كلام وهو القرآن الكريم، كما ورد فيما لا يحصى من الأبيات المعروف قائلوها.
ونحن نستدل بجواز إعمال المثنى والمجموع من أسماء الفاعلين على أن شبه الفعل الذي عمل بسببه هو شبهه به في المعنى وهو الدلالة على الحدث - وليس شبهه هو مجيئه في الغالب على زنة المضارع، ووجه الاستدلال بذلك على ما اخترناه هو أن التثنية والجمع - وخصوصا جمع التكسير - يبعدان موازنته للمضارع، فلو كانت موازنته للمضارع هي المعتبرة في وجه الشبه لكانت التثنية والجمع سببا واضحا للقول بعدم جواز الإعمال، لكنه لم يذهب إلى ذلك أحد، ومما يؤكد ما اخترناه من وجه الشبه أن أمثلة المبالغة عملت حملا على اسم الفاعل مع بعد زنتها على زنة المضارع.
ونريد أن نتوصل من هذا الكلام إلى القول بعدم صحة اشتراط من اشترط لعمل اسم الفاعل ألا يكون مصغرا، وألا يكون موصوفا، بحجة أن ذلك يبعد شبهه بالفعل، لأن التصغير والوصف لم يزيلا دلالته على الحدث.
وخلاصة القول في اسم الفاعل المصغر أن للنحاة في جواز إعماله ثلاثة مذاهب:
الأول: وهو رأي جمهور البصريين - أنه لا يجوز إعماله مطلقا، نعني سواء أكان مكبره قد ورد عن العرب أم لم يكن مكبره واردا، مثل كميت الذي هو من جهة القياس تصغير =