أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[الصيغة الثانية: «أفعل به»]

صفحة 227 - الجزء 3

  وأجمعوا على فعليّة أفعل⁣(⁣١)، ثم قال البصريون: لفظه لفظ الأمر، ومعناه الخبر، وهو في الأصل فعل ماض على صيغة أفعل بمعنى صار ذا كذا ك (أغدّ البعير) أي: صار ذا غدّة، ثم غيّرت الصّيغة، فقبح إسناد صيغة الأمر، إلى الاسم الظّاهر، فزيدت الباء في الفاعل، ليصير على صورة المفعول به، ك (امرر بزيد) ولذلك التزمت، بخلافها في {وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً}⁣(⁣٢)، فيجوز تركها، كقوله:

  [٣٧٩] -

  كفى الشّيب والإسلام للمرء ناهيا


(١) قال الشيخ خالد: (وفي كلام ابن الأنباري ما يدل على أن أفعل اسم، قال المرادي:

ولا وجه له) اه. وإنما قال النحاة إن أفعل فعل لأنه قد جاء على صيغة لا يكون عليها إلا الفعل، وأما أصبع - بفتح الهمزة وكسر الباء - فنادر لا يجعل أصلا.

(٢) سورة الفتح، الآية: ٢٨.

[٣٧٩] - هذا الشاهد من كلام سحيم - بضم السين وفتح الحاء المهملتين - ويقال حية - وهو عبد بني الحسحاس، بحاءين وسينين مهملات على زنة خلخال، وما ذكره المؤلف عجز بيت من الطويل، وهو مطلع قصيدة مشهورة له، وصدره مع بيت يأتي بعده قوله:

عميرة ودّع إن تجهّزت غاديا ... كفى الشّيب ...

جنونا بها فيما اعترتنا علاقة ... علاقة حبّ مستسرّا وباديا

اللغة: (عميرة) تصغير عمرة، وقد سموا بالمكبر وبالمصغر، فأما شاهد تسميتهم بالمكبر فقول لقيط الإيادي:

يا دار عمرة من محتلّها الجرعا ... هاجت لي الهمّ والأحزان والوجعا

وأما شاهد تسميتهم بالمصغر فبيت الشاهد (تجهزت) أي اتخذت جهاز سفرك وأعددته وهيأته، وأصل هذه المادة قولهم: (جهزت العروس تجهيزا) و (جهزت الجيش) وقالوا (جهزت فلانا) إذا كنت قد هيأت له ما يلزمه في سفره، وقالوا: (تجهزت للأمر) بمعنى أعددت له عدته (غاديا) اسم فاعل من غدا، والأصل فيه الغدوة - بضم فسكون - والغداة - بالفتح - وهي الوقت ما بين الفجر وطلوع الشمس، ويروى (غازيا) وليس بشيء (كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا) يروى أن عمر بن الخطاب ¥ سمعه ينشد هذا البيت فقال: لو قدمت الإسلام على الشيب لأجزتك، ويروى أنه قال له: لو قلت شعرك كله مثل هذا لأعطيتك عليه.

الإعراب: (عميرة) مفعول مقدم لقوله ودع الآتي منصوب بالفتحة الظاهرة (ودع) فعل أمر مبني على السكون لا محل له من الإعراب؛ وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره =