[فصل: يبنيان مما اجتمع فيه ثمانية شروط]
  أحدها: أي يكون فعلا؛ فلا يبنيان من الجلف والحمار، فلا يقال (ما أجلفه)، ولا (ما أحمره)(١)، وشذّ (ما أذرع المرأة)، أي: ما أخفّ يدها في الغزل، بنوه من قولهم: امرأة ذراع(٢)، ومثله (ما أقمنه)، و (ما أجدره بكذا)(٣).
  الثاني: أن يكون ثلاثيا؛ فلا يبنيان من دحرج وضارب واستخرج(٤)، إلا أفعل، فقيل: يجوز مطلقا، وقيل: يمتنع مطلقا، وقيل: يجوز إن كانت الهمزة لغير النّقل، نحو: (ما أظلم اللّيل) و (ما أقفر هذا المكان)، وشذّ على هذين القولين:
(١) الجلف - بكسر الجيم وسكون اللام - أصله الدن الفارغ، وقد قالوا للرجل الجافي الغليظ (جلف) وقد حكى صاحب القاموس أن له فعلا، قال: (وقد جلف جلفا - كفرح فرحا - وجلافة) وعلى هذا يكون قولك (ما أجلفه) قياسا، وأما الحمار فهو الحيوان المعروف، وقد ضرب مثلا في البلادة، ولا فعل له، فإذا قالوا (ما أحمره) فإنهم يعنون ما أبلده، وهو شاذ حينئذ بغير تردد.
(٢) في القاموس: (الذراع كسحاب الخفيفة اليدين في الغزل) اه. وفي كتاب الأفعال لابن القطاع: (ذرعت المرأة: خفت يدها في العمل فهي ذراع) وعلى هذا الذي قاله ابن القطاع لا يكون في قولهم (ما أذرع هذه المرأة) بمعنى ما أخف يدها في العمل، شذوذ.
(٣) بنوا قولهم (ما أجدره) من قولهم: فلان جدير بكذا، بمعنى حقيق به. وبنوا قولهم (ما أقمنه بكذا) من قولهم: هو قمين به، بمعنى جدير وخليق وحقيق، ولا فعل لهذين الوصفين.
(٤) مثل المؤلف لما لا يبنى منه فعل التعجب بالفعل الرباعي الأصول كدحرج، والثلاثي المزيد فيه حرف واحد نحو ضارب والمزيد فيه ثلاثة أحرف نحو استخرج، والمراد على كل حال كل ما ليس ثلاثيا مجردا من الرباعي الأصول والمزيد فيه منه ومن الثلاثي المزيد بواحد أو اثنين أو ثلاثة، وإنما لم يبن فعل التعجب من كل أولئك لأن بناءه منها يفوت المعنى المقصود من التعجب، أما بناؤه من الرباعي فغير ممكن إلا بحذف حرف من أصوله، ولا يخفى عليك أنك لو حذفت حرفا من حروف دحرج فقلت (ما أدحره) مثلا لفات معنى الفعل بتة، ولا يمكن بناؤه من الثلاثي المزيد فيه إلا بحذف ما فيه من حروف الزيادة فتقول في استغفر مثلا (ما أغفره) فيضيع معنى الطلب الذي تدل عليه حروف الزيادة.