أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

هذا باب نعم وبئس

صفحة 245 - الجزء 3


= أما الأحكام التي تختص بالفاعل فأربعة أحكام:

الأول: أن يكون هذا الفاعل ضميرا، وهذا واجب عند جمهور النحويين، وهو غالب لا لازم عند الكسائي والفراء، وعندهما قد يكون الفاعل علما نحو (نعم رجلا زيد) و (نعم امرأ هرم) و (نعم فتاة هند) وقد يكون مضافا إلى علم نحو (نعم فتى غلام زيد) جعلا الاسم المرفوع بعد النكرة في هذه الأمثلة ونحوها فاعل نعم، وجعل الكسائي الاسم النكرة المنصوب حالا، وجعله الفراء تمييزا والجمهور يجعلون فاعل نعم ضميرا مستترا، والاسم المنكر المنصوب تمييزا مفسرا للفاعل، والاسم المرفوع هو المخصوص بالمدح، وكأن الذي حمل الكسائي والفراء على ما ذهبا إليه فرارهما من عود الضمير المستتر في نعم - في قول الجمهور - على متأخر لفظا ورتبة.

الثاني: أن يكون هذا الضمير واجب الاستتار مطلقا، نعني أنه لا فرق بين المفرد والمثنى والجمع، وهذا مذهب الجمهور أيضا، وعللوه بأن العرب اكتفت بتثنية التمييز وجمعه عن إظهار الفاعل، وذهب الكوفيون إلى أنه يجوز إظهار ضمير التثنية والجمع، وذكر الكسائي أنه قد ورد عن العرب نحو (مررت بقوم نعموا قوما) وهذا عند الجمهور شاذ.

الثالث: أن هذا الفاعل لا يجوز أن يتبع بشيء من أنواع التوابع، وذلك لقوة شبه هذا الضمير بالحرف، وذلك لأن فهمه لفظا ومعنى متوقف على التمييز الواقع بعده، وقد سمع (نعم هم قوما) وخرجوه على أن فاعل نعم ضمير مستتر، و (هم) توكيد للفاعل، وهذا شاذ عند الجمهور.

الرابع: أن هذا الضمير إذا كان مفسره مؤنثا لحقت تاء التأنيث (نعم) أو (بئس) فيقال (نعمت فتاة هند) و (بئست امرأة حمالة الحطب) وقال ابن أبي الربيع: لا يجوز أن تلحق (نعم) و (بئس) تاء التأنيث استغناء بتأنيث التمييز، وأجاز بعض النحاة الأمرين لحاق التاء وعدمه، وقد ورد في الحديث (فبها ونعمت) وهو يرد على ابن أبي الربيع قوله بالمنع، ويجري مع القولين الآخرين.

وأما الأحكام التي تختص بالتمييز فستة أحكام:

الأول: أن يكون في اللفظ مؤخرا عن الفاعل المستتر في نعم، ومحصل هذا الشرط أنه لا يجوز تقديم التمييز على نعم، فلا يقال (رجلا نعم زيد).

الثاني: أنه يجب تقديمه على المخصوص بالمدح أو الذم، وهذا مذهب جمهور البصريين، وعندهم أن قولهم (نعم زيد رجلا) شاذ، ولا نرى أن تأخذ بقولهم، وقد -