[تعريف النعت]
  وهذا الحدّ غير شامل لأنواع النّعت؛ فإن النّعت قد يكون لمجرّد المدح، ك {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ}(١)، أو لمجرّد الذّم، نحو: (أعوذ باللّه من الشّيطان الرّجيم) أو للتّرحّم، نحو: (اللّهمّ أنا عبدك المسكين) أو للتّوكيد، نحو: {نَفْخَةٌ واحِدَةٌ}(٢).
= الثامن: التوكيد، نحو قوله تعالى: {فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ}.
ثم اعلم أن النحاة يفسرون قولهم في تعريف النعت (المتمم لمتبوعه) بأحد تفسيرين، الأول أن معناه (المفيد لما يطلبه المتبوع بحسب المقام) وممن اختار هذا التفسير الأشموني، وهو تفسير شامل لكل المعاني التي يرد لها النعت من التوضيح والتخصيص والمدح والذم والترحم والتعميم والإبهام والتوكيد والتفصيل، فلا يرد عليه الاعتراض بأنه غير جامع، والتفسير الثاني حاصله أن معنى المتمم لمتبوعه الموضح له في المعارف والمخصص له في النكرات، وهذا تفسير قاصر؛ لأنه لا يشمل ما يكون النعت فيه لغير التوضيح والتخصيص من المدح والذم والترحم - إلخ ما عرفته، ومعنى هذا أن تعريف النعت - على تفسير المتمم بهذا التفسير - غير جامع، وكل تعريف غير جامع يكون فاسدا لخروج بعض أفراد المعرف عنه، وبهذا اعترض المؤلف بعد ذكر هذا التفسير.
ويمكن أن يجاب عن هذا الكلام بأن التوضيح في المعارف والتخصيص في النكرات هما أشهر الأغراض التي يأتي لها النعت، وما عداهما من الأغراض التي ذكرناها نادر قد لا يلتفت له، ولذلك يقتصر كثير من المؤلفين على هذين الغرضين، فاقتصار من عناهم المؤلف على هذين الغرضين لأنهما هما الأصل فيما يأتي له النعت من أغراض، وكل ما عداهما ففرع عنهما، أو لأنهما أشهر الأغراض وأعرفها، وما عداهما لكونه نادرا أو غير مشهور لا يضيرنا ألا يشمله التعريف، لأننا إنما نريد أن نعرف النعت الذي لا يجوز أن يجهله أحد، فهذا الجواب - عند التحقيق - بيان لما يراد بالتعريف.
وقد يمكن أن يقال؛ إن المدح والذم والترحم وما عدا هذه الثلاثة كل واحد منها يدل على التوضيح إن كان المنعوت معرفة وعلى التخصيص إن كان المنعوت نكرة، فالمدح لا يعارض التوضيح ولا التخصيص، بل يجامعهما، وعلى ذلك تكون العبارة شاملة، ومعنى قولنا (يفيد التوضيح في المعرفة) أنه قد يفيد التوضيح وحده، وقد يفيده مع المدح أو مع الذم - إلخ، وكذلك التخصيص في النكرة.
(١) سورة الفاتحة، الآية: ٢.
(٢) سورة الحاقة، الآية: ١٣.