[فصل: ما يوافق النعت منعوته فيه]
[فصل: ما يوافق النعت منعوته فيه]
  فصل: وتجب موافقة النعت لما قبله فيما هو موجود فيه من أوجه الإعراب الثلاثة، ومن التّعريف والتنكير(١).
(١) أجار الأخفش نعت النكرة بالمعرفة، بشرط أن تكون النكرة مخصصة بوصف، ومثل له بقوله تعالى: {فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ} وجعل (الأوليان) وهو معرف بأل نعتا لقوله (آخران) مع أنه نكرة، وسوغ ذلك عنده كونه موصوفا بالجار والمجرور.
وأجاز ابن الطراوة نعت المعرفة بالنكرة، بشرط أن تكون النكرة مما لا ينعت بها غير هذه المعرفة، نحو قول النابغة الذبياني:
فبتّ كأنّي ساورتني ضئيلة ... من الرّقش في أنيابها السّمّ ناقع
فجعل ناقعا نعتا للسم، مع أن الأول نكرة والثاني معرفة، من جهة أن الأول لا يوصف به إلا الثاني؛ فيقال: سم ناقع.
وما ذهبا إليه غير مسلم لهما، وما مثلا به لا يلزم إعرابه كما زعما، بل يجوز أن يكون (الأوليان) بدلا من (آخران) أو خبر مبتدأ محذوف، أي: هما الأوليان، ويجوز أن يكون (ناقع) بدلا من السم أو خبرا ثانيا له، والجار والمجرور خبرا أول مقدما عليه.
ويستثنى - عند كثير من النحاة - الاسم المحلى بأل الجنسية، فإنه لقربه من النكرة يجوز نعته بالنكرة - وسيذكر المؤلف ذلك، ولهذا تراهم يقولون: جملة الفعل المضارع نعت للمحلى بأل في قول الشاعر:
ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّني ... فمضيت ثمت قلت لا يعنيني
وقد عرفت أن الجملة نكرة، ومن لا يقر ذلك يجعل جملة (يسبني) حالا، لكن المعنى يأباه إلا بتكلف.
فإن قلت: فقد قال العرب (هذا جحر ضب خرب) برفع جحر وجر خرب مع أن الثاني نعت للأول.
فالجواب أن خربا وإن كان مجرورا في اللفظ مرفوع في التقدير، فأنت تقول في إعرابه: مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المجاورة فلا يرد هذا وما أشبهه على ما ثبت من وجوب تشاركهما في الإعراب.
فإن قلت: فالنعت المقطوع إلى الرفع أو النصب لمجرد المدح أو الذم لا يشارك المنعوت في إعرابه.
فالجواب أنه عند القطع لا يسمى نعتا في صناعة الإعراب إلا مجازا باعتبار ما كان، =