هذا باب النعت
  وشرطان في الجملة(١)؛ أحدهما: أن تكون مشتملة على ضمير يربطها بالموصوف، إما ملفوظ به كما تقدّم، أو مقدّر كقوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً}(٢) أي: لا تجزي فيه(٣)، والثاني: أن تكون خبريّة، أي:
= وقد علمت مما ذكرناه لك من قبل أن المسألة خلافية، وقد اختار ابن مالك في شرح التسهيل جواز أن تكون الجملة نعتا للاسم المقترن بأل الجنسية نظرا إلى معناه وذلك لأن لفظه معرفة بسبب دخول أل عليه، ومعناه كمعنى النكرة من قبل أنه لا يقصد به فرد معين، واختار أبو حيان في الارتشاف أنه لا يجوز أن تكون الجملة نعتا للاسم المقترن بأل وأن أل الجنسية كأل العهدية في كون مدخول كل منهما معرفة، والحاصل أن ابن مالك نظر فيما اختاره إلى المعنى المراد بمصحوب أل الجنسية، وأن أبا حيان نظر فيما اختاره إلى اللفظ.
(١) بقي شرط في النكرة التي توصف بالجملة لم يذكره المؤلف، وهو أن تكون هذه النكرة المنعوتة مذكورة، فلا يجوز حذفها إلا في الحالة التي سيذكرها المؤلف في حذف المنعوت - وهي أن تكون النكرة بعض اسم متقدم مجرور بمن أو بفي - وزعم قوم أنه لا يشترط ذلك، بل يجوز أن تكون النكرة محذوفة، واستدل بقول الشاعر:
أنا ابن جلا وطلّاع الثّنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني
فإن قوما جعلوا (جلا) جملة صفة لموصوف محذوف. والتقدير: أنا ابن رجل جلا، والقائلون بالاشتراط يقولون: إن (جلا) إما أن يكون مصدرا وأصله ممدود فقصره الشاعر، وكأنه قال: أنا ابن جلاء ووضوح، وإما أن يكون فعلا ماضيا فيه ضمير مستتر، وقد سمي به كما سموا (تأبط شرا) ولئن سلم ما ذكروا من أنه جملة نعت بها محذوف فهو شاذ.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٢٣.
(٣) من الجمل التي تحتاج إلى رابط يربطها بما تتصل به جملة الصلة وجملة الخبر وجملة النعت، فأما جملة الخبر فقد ذكر المؤلف في موضعه ما يربطها بالمبتدأ، كما ذكر أنه يجوز كون الضمير الرابط للمبتدأ بجملة الخبر محذوفا مقدرا، وذكر في باب الموصول ما يربط جملة الصلة بالموصول، كما فصل القول في حذف هذا العائد مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا، ولم يفصل هذا التفصيل في رابط جملة النعت بالمنعوت، واعلم أولا أن حذف الرابط من جملة الصلة أكثر من حذف الرابط من جملة النعت ومن جملة الخبر، وأن حذف الرابط من جملة النعت كثير في ذاته، وحذفه من =