أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[فصل: متى يجوز حذف المنعوت؟]

صفحة 285 - الجزء 3

  فالأول كقولهم: (منّا ظعن ومنّا أقام) أي: منّا فريق ظعن، ومنّا فريق أقام.

  والثاني، كقوله:

  [٣٩٨] -

  لو قلت ما في قومها لم تيثم ... يفضلها في حسب وميسم


=

لكم مسجدا اللّه المزوران والحصى ... لكم قبصه من بين أثرى وأقترا

قالوا: تقدير الكلام (من بين من أثرى ومن أقتر) أي من بين رجل أثرى ورجل أقتر، فحذف المنعوت في موضعين من الكلام، وأبقى النعت فيهما - وهو جملة (أثرى) وجملة (أقتر).

ومن ذلك قول الراجز:

ما لك عندي غير سهم وحجر ... وغير كبداء شديدة الوتر

ترمي بكفّي كان من أرمى البشر

قالوا: تقدير الكلام (ترمي بكفي رجل كان من أرمى البشر) فحذف المنعوت وهو رجل، وأبقى النعت وهو إما جملة كان واسمها المستتر فيها وخبرها، وإنما الجار والمجرور الذي هو (من أرمى البشر) إذا اعتبرت كان زائدة.

ومن ذلك قول النابغة الذبياني:

كأنّك من جمال بني أقيش ... يقعقع بين رجليه بشنّ

قالوا: تقدير الكلام (كأنك جمل من جمال بني أقيش) فحذف المنعوت وهو جمل، وأبقى النعت وهو الجار والمجرور، ويمكن تخريج هذا البيت على المطرد الشائع، فيقدر الكلام: كأنك من جمال بني أقيش جمل يقعقع بين رجلية بشن، ليكون المنعوت المحذوف بعض اسم مجرور بمن متقدم، ويكون الجار والمجرور حالا من الضمير في (يقعقع) وجملة يقعقع صفة لجمل.

[٣٩٨] - هذا بيت من الرجز أو بيتان من مشطوره، وهذا البيت قد نسبه ابن يعيش إلى الأسود الحماني - بحاء مهملة مكسورة وميم مشددة - ووقع في نسخ التصريح (أبو الأسود الجمالي) وهو تحريف شنيع، وقد نسبه سيبويه إلى حكيم بن معية الربعي، وهو راجز إسلامي كان معاصرا للعجاج وحميد الأرقط.

اللغة: (لم تيثم) معناه لم تقع في الإثم، وهو الكذب هنا، وأصل هذه الكلمة في اللغة المشهورة (تأثم) بوزن تعلم مضارع أثم - بوزن علم - فجاء بها الراجز على لغة غير أهل الحجاز بكسر حرف المضارعة فقال (تئثم) ثم قلب الهمزة ياء لسكونها إثر كسرة كما =