هذا باب النعت
  أي: فرع فاحم وجيد طويل (*).
= الدليل على أن المقدر هو خصوص ما ذكرناه فلأنه الكثير في كلام العرب عند وصف النساء، وذكر وجوه الحسن والملاحة فيهن؛ فإنهم كثيرا ما يصفون الفرع بشدة السواد، كقول امرئ القيس:
وفرع يزين المتن أسود فاحم ... أثيث كقنو النّخلة المتعثكل
غدائره مستشزرات إلى العلّا ... تضلّ العقاص في مثنّى ومرسل
ويصفون الجيد بالطول، كقول امرئ القيس أيضا:
وجيد كجيد الرّئم ليس بفاحم ... إذا هي نصّته ولا بمعطّل
وربما كنوا عن طوله كما في قول الحماسي:
أكلت دما إن لم أرعك بضرّة ... بعيدة مهوى القرط طيّبة النّشر
ومثل بيت الشاهد في حذف النعت وبقاء المنعوت قول عبيد بن الأبرص: من قوله قول، ومن فعله فعل، ومن نائله نائل. يريد من قوله قول فصل - أو صواب مثلا - ومن فعله فعل جميل، ومن نائله نائل جزيل.
وليس من المعقول أن يكون الشاعر قد أراد في بيت الشاهد ما هو ظاهره من غير ملاحظة محذوف، لأنك لا تمدح إنسانا بأن له شعرا وبأن له عنقا، فإن جميع الناس كذلك، وليس معنى هذا الظاهر إلا كما تمدح إنسانا فتقول عنه: إنه إنسان، وإنه آدمي، فما لم ترد معنى إنسان كامل وآدمي عظيم لم يكن لكلامك معنى مقبول.
(*) خاتمة - إذا تكررت النعوت لمنعوت واحد، فإما أن تكون هذه النعوت مفردات وإما أن تكون جملا، وعلى كل حال إما أن تكون متحدة المعنى وإما أن تكون مختلفة المعنى.
فإن كانت النعوت متحدة المعنى لم يجز عطف أحدها على الآخر، نحو قولك (هذا زيد الشجاع الجريء الفاتك) ونحو (لقيت رجلا فصيحا مفوها ذرب اللسان) وذلك لأن عطف أحدها على الآخر من باب عطف الشيء على نفسه، وهو لا يجوز؛ لما في أصل العطف من الدلالة على مغايرة المعطوف للمعطوف عليه.
وإن كانت النعوت مختلفة المعنى فإن كانت مفردات جاز عطف بعضها على بعض بما شئت من حروف العطف إلا حرفين هما أم وحتى، نحو قولك (هذا زيد الشجاع والفصيح والكريم) ونحو قول الشاعر وقد عطف بالفاء:
يالهف زيّابة للحارث ال ... صّابح فالغانم فالآيب
=