أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[التوكيد ضربان]

صفحة 293 - الجزء 3

  (جاء الخليفة) فيحتمل أن الجائي خبره أو ثقله، فإذا أكدت بالنفس أو بالعين أو بهما ارتفع ذلك الاحتمال.

  ويجب اتّصالهما بضمير مطابق للمؤكّد، وأن يكون لفظهما طبقه في الإفراد والجمع، وأمّا في التّثنية فالأصحّ جمعهما على أفعل، ويترجّح إفرادهما على تثنيتهما، عند الناظم، وغيره بعكس ذلك.

  والألفاظ الباقية: كلا وكلتا للمثنى، وكلّ وجميع وعامّة لغيره.

  ويجب اتصالهنّ بضمير المؤكّد؛ فليس منه {خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً}⁣(⁣١)، خلافا لمن وهم، ولا قراءة بعضهم: إنا كلا فيها⁣(⁣٢)، خلافا للفرّاء والزمخشري، بل (جميعا) حال، و (كلّا) بدل، ويجوز كونه حالا من ضمير الظرف.

  ويؤكّد بهنّ لرفع احتمال تقدير بعض مضاف إلى متبوعهن؛ فمن ثمّ جاز (جاءني الزيدان كلاهما) و (المرأتان كلتاهما) لجواز أن يكون الأصل، جاء أحد الزيدين أو إحدى المرأتين، كما قال تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ}⁣(⁣٣) بتقدير يخرج من أحدهما، وامتنع على الأصح (اختصم الزّيدان كلاهما) و (الهندان


= الموضوع للدلالة على ذات معينة في غير ما وضع له، وذلك من جهتين، الأولى أنه جعل هذا غير ما ذكره في التوكيد بالألفاظ الباقية من أنه لرفع تقدير مضاف، والثاني أن تقدير المضاف يلزم منه بقاء اللفظ الأول على معناه الأصلي، فلا يكون ثمة تجوز فيه، ولتوضيح ذلك نحب أن نبين لك أنك لو قلت (زارني الخليفة) وأنت تريد أن الخليفة نفسه زارك فالكلام حقيقة واللفظ مستعمل فيما وضع له، وإن كنت إنما أردت بلفظ الخليفة رسوله للملابسة بينهما فقد استعملت لفظ الخليفة في غير ما وضع له، وإن كنت قصدت أن الكلام على حذف مضاف فلفظ الخليفة باق على معناه الأصلي ولكنه ليس هو الزائر، بل الزائر مضاف محذوف، وكأنك قلت (زارني رسول الخليفة).

(١) سورة البقرة، الآية: ٢٩

(٢) سورة غافر، الآية: ٤٨

(٣) سورة الرحمن، الآية: ٢٢