[توكيد الفعل والحرف الجوابي]
[توكيد الفعل والحرف الجوابي]
  وإن كان فعلا أو حرفا جوابيا فواضح، كقولك: (قام قام زيد) وقوله:
  [٤٠٤] -
  لا لا أبوح بحبّ بثنة إنّها
= هذا النوع هو الذي يتعين فيه أن يكون الضمير الثاني توكيدا للضمير الأول، فأما المرفوع نحو (أحسنت أحسنت) والمنصوب نحو (أكرمك أكرمك) فإن كلّا منهما يحتمل وجهين، أحدهما أن يكون مراد المتكلم تأكيد الضمير بالضمير، وثانيهما أن يكون مقصده تأكيد الجملة بالجملة، فمن أجل هذا الاحتمال ترك المؤلف التمثيل لهما، حتى يبتعد عن الإجمال.
[٤٠٤] - هذا الشاهد من كلام جميل بن عبد اللّه بن معمر العذري، وما ذكره ههنا صدر بيت من الكامل، وعجزه قوله:
أخذت عليّ مواثقا وعهودا
وقد ورد هذا العجز في كلام لكثير عزة، وهاك البيت الذي ورد فيه:
لا تغدرنّ بوصل عزّة بعد ما ... أخذت عليك مواثقا وعهودا
اللغة: (أبوح) مضارع (باح فلان بسر) إذا أفشاه وتكلم به وأخبر عنه، أو صنع ما يدل عليه (بثنة) بفتح الباء وسكون الثاء المثلثة - هي بثينة محبوبة جميل بن معمر العذري، وقد تصرف في اسمها تمليحا (مواثقا) جمع موثق - بفتح الميم وسكون الواو وكسر الثاء المثلثة - وهو العهد، وأراد أنهما تواصيا على المحافظة على المحبة وكتمان ما بينهما من علاقة (عهودا) جمع عهد - بفتح العين وسكون الهاء - وهو بمعنى الموثق والميثاق.
المعنى: يقول: إني لا أستبيح لنفسي أن أذيع حبي بثينة وأعلن ما استتر عن الناس من علاقتي بها؛ لأنني مرتبط معها بمواثيق وعهود على ألا نطلع أحدا على شيء من سر ألفتنا، وقد يقال: إن هذا الكلام نفسه إذاعة لما بينهما من حب وعهود مودة.
الإعراب: (لا) حرف نفي مبني على السكون لا محل له من الإعراب (لا) توكيد للا الأول (أبوح) فعل مضارع مرفوع لتجرده من الناصب والجازم وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا (بحب) جار ومجرور متعلق بقوله أبوح، وحب مضاف و (بثنة) مضاف إليه مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه لا ينصرف للعلمية والتأنيث (إنها) إن: حرف توكيد ونصب، وضمير الغائبة العائد إلى بثنة اسمه (أخذت) أخذ: فعل ماض، والتاء للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى بثنة (عليّ) جار ومجرور متعلق بأخذ (مواثقا) مفعول به لأخذ =