أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[فصل: نون الوقاية قبل ياء المتكلم]

صفحة 98 - الجزء 1

  فنحو: «دعاني»⁣(⁣١) و «يكرمني» و «أعطني» وتقول: «قام القوم ما خلاني» و «ما عداني» و «حاشاني» إن قدّرتهنّ أفعالا، قال:

  [٣٠] -

  تملّ النّدامى ما عداني فإنّني


(١) ومن ذلك قول الشاعر:

دعاني أخي والخيل بيني وبينه ... فلمّا دعاني لم يجدني بقعدد

الشاهد فيه قوله «دعاني» في المرتين، فإنه فعل ماض عمل في ياء المتكلم وقد أتى قبل ياء المتكلم بنون الوقاية، وفي قوله «لم يجدني» فإنه فعل مضارع عمل في ياء المتكلم أيضا، وقد أتى قبلها بنون الوقاية، وهو ظاهر جدا.

وقد تحذف ياء المتكلم وهي مقصودة فتبقى النون مكسورة للدلالة على الياء وقد ورد من ذلك في القرآن الكريم الآية ٥٤ من سورة الحجر {قالَ أَ بَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} فإن الأصل فبم تبشرونني فحذفت نون الرفع تخفيفا، ثم حذفت ياء المتكلم اكتفاء بكسر ما قبلها، ومن ذلك قول عروة بن حزام:

خليليّ من عليا هلال بن عامر ... بعفراء عوجا اليوم وانتظران

أصله وانتظراني، فحذف الياء اجتزاء بكسرة نون الوقاية دالة عليها.

[٣٠] - هذا صدر بيت من الطويل، وعجزه قوله:

بكلّ الّذي يهوى نديمي مولع

ولم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين، ولا عثرت له على سوابق أو لواحق.

اللغة: مضارع مبني للمجهول من الملل، وهو السأم، وتقول: مللت الشيء أمله، ومللت منه، مللا وملالة، مثل سئم يسأم سأما وسآمة وزنا ومعنى «الندامى» جمع ندمان، مثل سكران وسكارى، والندمان - ومثله النديم - هو الذي يجالسك على الشراب «مولع» وصف من قولهم: أولع بالشيء، إذا أغري به وأحبه، وهو من أفعال ملازمة للبناء للمجهول.

الإعراب: «تمل» فعل مضارع مبني للمجهول، مرفوع بالضمة الظاهرة «الندامى» نائب فاعل مرفوع بضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر «ما عداني» ما: موصول حرفي مبني على السكون لا محل له من الإعراب، عدا: فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره هو يعود على البعض المفهوم من الكل السابق، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به مبني على السكون في محل نصب، وما مع ما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بإضافة ظرف مقدر، والتقدير: =