[الكلام على «ثم»]
  فجعله غثاء، أو بأن الفاء نابت عن ثمّ كما جاء عكسه وسيأتي.
  وتختصّ الفاء بأنّها تعطف على الصّلة ما لا يصحّ كونه صلة لخلوه من العائد، نحو: (اللّذان يقومان فيغضب زيد أخواك)، وعكسه، نحو: (الّذي يقوم أخواك فيغضب هو زيد)، ومثل ذلك جار في الخبر والصفة والحال، نحو: {أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً}(١)، وقوله:
  [٤١٤] -
  وإنسان عيني يحسر الماء تارة ... فيبدو ...
[الكلام على «ثم»]
  وأما (ثمّ) فللتّرتيب والتّراخي، نحو: {فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ}(٢)، وقد
(١) سورة الحج، الآية: ٦٣.
[٤١٤] - هذا الشاهد من كلام ذي الرمة، وهو غيلان بن عقبة، وما ذكره المؤلف ههنا قطعة من بيت من الطويل، وهو بتمامه هكذا:
وإنسان عيني يحسر الماء تارة ... فيبدو، وتارات يجمّ فيغرق
اللغة: (إنسان عيني) هو مثال العين، وهي النقطة السوداء التي تبدو لامعة وسط السواد (يحسر) يكشف، وبابه ضرب (فيبدو) يظهر (يجم) يكثر.
الإعراب: (إنسان) مبتدأ، وهو مضاف وعين من (عيني) مضاف إليه، وعين مضاف وياء المتكلم مضاف إليه (يحسر) فعل مضارع (الماء) فاعله (تارة) مفعول مطلق، ومثله:
مرة، وطورا (فيبدو) الفاء عاطفة، يبدو، فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعدو إلى إنسان عيني (وتارات) الواو عاطفة، تارات: معطوف بالواو على تارة منصوب بالكسرة نيابة عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم (يجم) فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الماء (فيغرق) الفاء عاطفة، يغرق: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى إنسان عيني.
الشاهد فيه: أنه عطف الجملة التي تصلح لأن تكون خبرا عن المبتدأ، وهي قوله (فيبدو)؛ لأنها مشتملة على ضمير يعود إلى المبتدأ الذي هو قوله (إنسان عيني) عطفها على جملة لا تصلح لأن تكون خبرا بسبب خلوها من ذلك الضمير، وهي جملة (يحسر الماء تارة).
(٢) سورة عبس، الآية: ٢٢.