الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

فصل: في ملة أهل الكتب الصابئة

صفحة 577 - الجزء 2

  واحتج ش لقوله الآخر بما روي عن علي # أنه قال: أنا أعلم من على وجه الأرض بالمجوس، كان لهم علم يعلمونه، وكتاب يدرسونه وأن ملكهم سكر في بعض الليالي، فوقع على ابنته أو أخته فاطلع عليه بعض أهل مملكته فجاءوا ليقيموا عليه الحد، فامتنع ودعا أهل مملكته، وقال: ما أعلم ديناً خير من دين آدم صلى الله عليه وقد أنكح بناته من بنيه وأنا على دينه فبايعه قوم على ذلك وقتل من خالفه فأصبح وقد أسري بكتابهم ومحي العلم من صدورهم، فأصبحوا أميين، وهذه الرواية لم تصح عند الأئمة وإن صحت فقد رفع فصاروا لا كتاب لهم.

  وعقد الذمة لأهل الكتابين بالجزية لا يكون إلا للإمام، ويحتمل أن ذلك مستحب في حقه غير واجب.

  ويحتمل أنه واجب، لقوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ}⁣[التوبة: ٢٩]، فجعل إعطاء الجزية حداً للقتال، ولأنه ÷ كان يأمر السرايا بدعائهم إلى الإسلام فإن أبوا فبدعائهم إلى تسليم الجزية، وهذا هو المختار.

  وعقد الذمة يشترط فيه.

  إلتزام الجزية.

  والتزام أحكام الإسلام.

  وسميت جزية، لأنها جزئ يجزئ إذا قضى، قال تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَّا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا}⁣[البقرة: ١٢٣]، أي: لا تقضي وتقول العرب: جزيت ديني، أي قضيته.

  وقوله تعالى: {عَنْ يَدٍ}⁣[التوبة: ٢٩]، أي عن قوة من جهة المسلمين وقيل: عن منة عليهم بحقن دمائهم وقيل ومعناه نعطيها بيده إلى يده، وهو آخذ بلحيته وقيل: نعطيها نقداً لا نسيئة.