الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

باب الأمان

صفحة 578 - الجزء 2

  ولا تؤخذ الجزية من فقير لا يقدر على التكسب. وأما المجنون، فإن كان الغالب من حاله السلامة والصرع نادر أخذت منه.

  ويجب على الإمام المنع عن أهل الذمة، فإذا لم يمنع في وقت لم يستحق فيه الجزية، لأنه لا يجب دفعها، إلا بشرط الذب عنهم، فإن شرط ألا يمنع عنهم، وكانت بلادهم وسط بلاد المسلمين، كان الشرط باطلاً، لأنه شرط تمكين الكفار من دار الإسلام، وإن كانت طرفاً صح هذا الشرط إذ لا مضرة على المسلمين.

  ويجوز أن يشترط مع الجزية الضيافة، ونذكر قدرها ومدتها وجنسها، وجنس الأدام لما روي أنه ÷ صالح أهل إيليه على ثلاثمائة دينار وضيفة من يمر بهم من المسلمين، وعن عمر: أنه وضع الجزية على أهل الذهب أربعة دنانير، وعلى أهل الورق ثمانية وأربعون درهما.

  قال الإمام #: ولا يكلفون زايداً على جنس طعامهم وإدامهم، لما روي أن أهل الجزية من أهل الشام وصلوا إلى عمر، وقالوا له: إن المسلمين إذا مروا بنا كلفونا ذبح الغنم والدجاج في ضيافتهم، فقال: أطعموهم مما تأكلون ولا تزيد وهم على ذلك ويذكر علف الدواب من التين والشعير والحشيش وقوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ٢٩}⁣[التوبة]، قيل في معناه: أن يطأطئ الذمي رأسه ويصب الجزية في كف المستوفي، ثم يأخذ المستوفي بلحيته إن كانت، ويضرب بيده في لهازمه.

  وقيل معناه: جري أحكام الإسلام عليهم.

  ولا يجوز إقامة أهل الذمة في الحجاز، ولا يجوز للإمام أن يصالحهم على ذلك، لأن الرسول ÷ أمر بإخراجهم من جزيرة العرب.

  وعنه ÷: «لأخرجن اليهود من جزيرة العرب».