الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

فصل: في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

صفحة 583 - الجزء 2

فصل: في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

  في الأثر أن الله أوحى إلى يوشع بن نون: أني مهلك من قومك أربعين ألفاً من خيارهم وستين ألفاً من شرارهم، قال يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار، فقال: إنهم لم يغضبوا بغضبي وواكلوهم وشاربوهم.

  قال الإمام #: والظن لا يقوم مقام العلم في حسن المأمور به وقبح المنهي عنه، لأن حسن الأمر تبع لحسن المأمور به، والظن للتأثير يقوم مقام العلم، لأن هذا من باب العمليات، والظن في باب جلب النفع ودفع الضرر قائم مقام العلم.

  وإذا لم يحصل له علم ولا ظن بالتأثير سقط الوجوب، وفي الحسن احتمالان:

  المختار: بقاء الحسن، لأن الله سبحانه أمر ونهى من لا يمتثل، ولأنه لما قيل للأمر والناهي أمرك ونهيك لا يؤثر، قالوا: معذرة إلى ربكم.

  والمختار: أن الوجوب وإن سقط عند خشية الهلاك، فإن الحسن يبقى، سواء كان فيه إعزاز للدين أم لا، لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ}⁣[التوبة: ١١١] والتجسس منهي عنه، لقوله تعالى: {وَلَا تَجَسَّسُوا}⁣[الحجرات: ١٢] فلا يطلع على دور الجيران ليسمع صوت المزامير، ولا شم رائحة الخمر، وإنما ينكر إذا قامت البينة.

  وإذا كان إزالة المنكر يحتاج إلى القتل والقتال، فإنه لا يتعلق بأحاد الناس، وإنما هو إلى الإمام، لأن أحاد الناس يضعفون عن ذلك، ولأنه يؤدي إلى تحريك الفتن وتهييج الضلالات، بخلاف يد الإمام فإنها قاهرة، وهو الداعي إلى نصرة الدين بالسيف والسنان والقلم واللسان.

  وعن أبي حامد الغزالي: جواز ذلك للآحاد، ولا وجه له، لما يؤدي إليه من الفساد.