الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

باب الإقطاع والحماء

صفحة 257 - الجزء 1

  ويستحب للإمام إذا حمى شيئاً لخيل الجهاد ولإبل الصدقة أن يدخل الضعفاء الذين لا يستطيعون النجعة.

  وروي أن عمر حمى موضعاً وولى عليه مولى، يقال له: هني بالنون، فقال: يا هني ضم جناحك للناس، واتق دعوة المظلوم فإن دعوة المظلوم مجابة، وأدل رب الصريمة والغنيمة، وإياك ونعم بن عفان ونعم بن عوف فإنهما إن يهلك ماشيتهما يرجعان إلى زرع ونخيل، وإن رب الصريمة والغنيمة إن تهلك ماشيتهما يأتياني بعيالهما ويقولان يا أمير المؤمنين أفتاركهم أباً لا أبى لك إنما الماء والكلأ أهون علي من الدينار والدرهم وأيم الله لترون أني ظلمتهم، ولولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت شبراً من أرض المسلمين.

  قوله: ضم جناحك عبارة عن التواضع والصريمة والغنيمة، أراد أنه لا يمنع الضعفاء، والصريمة تصغير صرمة، وهي ما بين العشر إلى الثلاثين من الإبل وما دون العشر يقال له: ذود، والغنيمة تصغير غنم، وحقرها لقلتها، وقوله: إياك ونعم ابن عفان وابن عوف، أراد لا يدخلهما الحمى، لأنهما غنيان.

  وإذا حمى الرسول ÷ حماً وكانت المصلحة في بقائه لم يجز إحياؤه، وإن فقدت ففي جواز إحيائه تردد.

  المختار: الجواز لفقدان العلة. وعن ش: لا يجوز إحياؤه.

  وإذا حمى الإمام موضعاً فأحياه رجل من المسلمين بإذنه جاز وملكه، فإن لم يأذن فوجهان في ملك المحمي له:

  أحدهما: أنه لا يملكه، كالذي حماه الرسول ÷.

  والثاني: وهو المختار: أنه يملكه؛ لأن حمى الإمام ثابت بالاجتهاد، والإحياء بالنص والنص أقوى. ولا يجوز للإمام أن يحمي ما يضيق به على المسلمين؛ لأن المصلحة المسوغة للحمى تبطل بحصول الضرر.