الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

فصل: ويجب عليهم التزام الصغار

صفحة 265 - الجزء 1

  وأما ما روى عن عمر من توظيف الضيافة⁣(⁣١)، لمن يمر من أبناء السبيل من المسلمين، ولم ينكره أحد من المسلمين، فالصحيح أنها من الجزية، وذلك على جهة الاستصلاح وهو جائز للإمام.

  والظاهر من المذهب، وهو المختار: أن هذه الضيافة غير مشروعة، ولا يبدأ أهل الذمة بسلام، ولا يرفع لهم قدر، ولا يقام في وجوههم، ويضطرون إلى أضيق الطرق ويمنعون عن تكوير العمائم زائداً على ثلاث طاقات فلا يكورونها كثيراً، كما يفعله المسلمون، ويمنعون في إرسال الذوائب، وترجيل الشعور، وتحسينها.

  ويمنعون عن لبس الخواتيم الذهبية والفضية، وتركيب الفصوص من الأحجار الغالية، كالياقوت، ونحوه.

  ويجب عليهم الانقياد لأحكام الشريعة، وروي أنه زنى رجل من اليهود في زمن رسول الله ÷ فقال: «ما حكمهما عندكم»، قالوا: التجبية، والتجبية: أن يطلى وجوههما بالقار ويركبان على حمار، ويضربان، فقال ÷: «هاتوا التوراة» فجيء بها، فلما وصلوا آية الرجم وضعوا أيديهم عليها، لئلا يعرفها، وكان حكم التوراة رجهما فرجمهما الرسول على باب المسجد، وهذا فيما لا يستبيحونه، وقتالهم للمسلمين نقض للعهد بلا خلاف وامتناعهم من أداء الجزية نقض للعهد لقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}⁣[التوبة: ٢٩] وسب الرسول نقض لقوله ÷: «من سبني فاقتلوه». ولقوله ÷: «من سب نبياً فاقتلوه».

  وأما امتناعهم من إجراء الأحكام تمرداً، ففيه تردد.

  المختار: أنه لا يكون نقضاً، إذا لم يكن بالقتال.

  وقطعهم الطريق فيه خلاف.


(١) الضيافة: ساقطة من (ب)