الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

باب: إجارة الحيوان

صفحة 85 - الجزء 2

  ويجوز استئجار الصوائد من الطيور والكلاب، ويبين ما يصيده، لأن لكل تأثير في أتعاب الصائد، فصيد الظباء أسهل على الكلاب والفهود من تصيد الأوعال، فإن لم يبين جنس الصيد فسدت الإجارة، لأن الأوعال صيدها أشق، وربما قتل الكلب.

  ويجوز إجارة الدجاجة للحضن مدة معلومة.

  ويجوز إجارة الديكة لاعلام الوقت في الأسفار مدة معلومة. ويجوز إجارة الديكة لاصلاح حال الدجاج ورعايتهن، لأن ذلك معلوم، ولا يجوز للسفاد، كالفحال للضراب.

  ويجوز استئجار الطيور ذوات المنطق للإعجاب بالنغمات الطيبة والأصوات الحسنة اللذيذة، لأن هذا من الأمور المباحة، وذلك، كالحمام في الحجرات والقماري في الأقفاص، لأنها لا تكاد تأنس بخلاف الحمام، ولا يجوز للبيض.

  ويجوز إجارة الطاووس للنظر في خلقه وحسن صورته التي خصه الله بها من بين سائر الطيور بالتأليف البالغ والجمع بين الألوان العجيبة. أما صورته فكغيره لأنه إنما يقهقه قهقهة ليس فيها إعجاب، لأن الريشة الواحدة فيه تجمع بين البياض والحمرة والخضرة والصفرة والسواد والزرقة: وإذا رآه الرائي رآه كأن الماء يسيل عليه لشدة بريق هذه الألوان وصفائها وعظم رونقها. ولأمير المؤمنين - كَرَّم اللهُ وَجْهَهُ - كلام في بديع خلق الطاووس لم يسبقه إليه أحد من أهل البلاغة قد شرحناه وأشرنا إلى رموزه.

  وذكر أهل التفسير في قوله تعالى: {حَمُولَةً وَفَرْشًا}⁣[الأنعام ١٤٢]؛ أن المحمولة ما تطيق الحمل والفرش ما لا تطيقه، فالحمولة بفتح الحاء عبارة عن الحاملة، وبضم الحاء عن الشيئ المحمول.

  وإذا اكترى ظهراً ليحمل عليه شيئاً صح، وإن لم يذكر جنس المحمول عليه بخلاف ما لو اكتراه للركوب لأن المقاص تختلف فيه بخلاف الحمل، ولا بد من