الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

كتاب الوديعة

صفحة 168 - الجزء 2

  هي مشتقة من ودع الشيئ إذا ساكن وقر، لما كانت الوديعة تقر في يد المودع، أو من قولهم: فلان في دعة وخفض عيش، لأن الوديعة في دعة عن الانتفاع بها.

  قال الكسائي: يقال أودعته مالاً إذا دفعته إليه ليحفظه، وقد أميت ماضيه، فلا يقال: ودع، وهذا كما في يذر، أطرح ماضيه، فلا يقال: وذر، ويقال: يذر، قال الله تعالى: {وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ}⁣[الأعراف: ١٢٧].

  ويجب قبول الوديعة إذا وثق من نفسه بالحفظ والرد وخشي تلفها، لقوله ÷: «حرمة مال المسلم كحرمة دمه».

  ويستحب إذا وثق ولم يخش تلفها، لأنه من المعاونة على البر.

  ويكره إذا لم يثق فإن قبل في الثالث لم يضمن إلا بالتعدي، وإن لم يقبل في الأول، فلا ضمان.

  ومن أدلة الوديعة:

  قوله ÷: «من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه كربة من كرب الآخرة».

  وقوله ÷: «الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه».

  وكانت عند النبي ÷ ودائع في مكة، فلما أراد الهجرة دفعها إلى أم أيمن وأمر علياً بالتخلف ليردها على أهلها.

  وعنه ÷: «القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة والدين فإنه يجاء بالرجل يوم القيامة فيقال له: أد أمانتك، فيقول: قد ذهبت الدنيا فكيف أؤديها ومن أين أؤديها فيمثل له في نار جهنم وفي قعر جهنم ويهوى فيها».

  ويصح إيداع العبد غير المأذون، لأنه استحفاظ. قال ش في أحد قوليه: ويرده إلى السيد.

  وفي قوله الثاني: وهو قول ح، وهو المختار: أنه يرده إليه، لأنه لما كان أهلاً للإيداع كان أهلاً للرد.