الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

فصل: لا يحكم على أحدهما

صفحة 378 - الجزء 2

فصل: لا يحكم على أحدهما

  حتى يسمع ما يقول الآخر، وقد قيل: عن سبب الملازمة من الله تعالى، لداود أنه حكم بين خصمين، قبل أن يسمع كلام الآخر، فانزل الله تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}⁣[ص: ٢٦].

  وإذا قام لأحدهما أو سلم أو خاض معه في حديث، وجب أن يفعل للآخر كذلك.

  ولما خاصم علي # النصراني إلى شريح، فلما دخل عليه علي # قام له فقال له: هذا أول جورك، ثم قعد إلى جنب شريح، وقال: لولا أن خصمي نصراني لقعدت إلى جنبه ولا يجوز للقاضي أن يسأل من أين الدراهم أو الدنانير المشهور بها، لأن ذلك فضول، واسباب التمليك كثيرة.

  والتلقين فيه الخلاف.

  وأما في الحدود فينبغي الاستقصاء لعل الحد يسقط، كما فعل عمر في الذي شهدوا على المغيرة أنه قال للرابع أرى أن الله تعالى لا يفضح على يديك رجلاً من أصحاب رسول الله ÷.

  وتحل للمرتشي الرشوه ليتوصل بها إلى حقه، وإن حرم الاخذ، كالاسير يجوز أن يستفدي نفسه لدفع المضرة، وإن حرم أخذ الفدية.

  ولا يقبل القاضي الهدية ممن لا يعتاد منه، ويحرم عليه ذلك. فأما من يعتاد منه، فإن كان ثم خصومة لم يجز، لأن زيد بن ثابت كان يهدي إلى عمر بن الخطاب كل سنة لبنا ثم استقرض منه من بيت المال مائتي دينار، فأهدى إليه زيد بن ثابت لبناً فلم يقبل، وقال: لعله أهدى لأجل القرض، فلما قضاه قبل منه الهدية، وإن لم تكن له حكومة استحب أن لا يقبل لجواز أن يكون له خصمة منتظرة.