نجوم الأنظار وتخريجه مواهب الغفار،

عبدالله بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

باب اختلاف المتبايعين

صفحة 540 - الجزء 1

  قلت: وهذا إذا لم يقع التراضي بينهما على التراد فإن تراضيا جاز بلا خلاف، وفي الشفاء: «إذا اختلف البيعان فالقول ما يقول البائع والمبتاع بالخيار» [١٦٧] ولأحمد والنسائي انه ÷ أمر بالبائع أن يستحلف ثم يخير المبتاع إن شاء أخذ وان شاء ترك، قلت: وهذه الأخبار إن صلحت مخصصة لحديث المجموع «البينة على المدعي واليمين على المنكر» [١٦٨]، وإلا فالقول لمنكر العيب والبينة على المدعي، قال الإمام أحمد بن سليمان: وهذا مما لا خلاف فيه.


  = قلت: عبد الرحمن كان وفاته كما قاله خليفة: سنة سبع وسبعين وأبيه كما قال نعيم: سنة اثنين وثلاثين فيكون بين موتهما خمس وأربعون فلا يبعد سماعه مع ما صرح به في الخلاصة، ورواية التراد أخرجها أيضا مع العلوم مالك بلاغا والترمذي أيضا وابن ماجة بإسناد منقطع، واخرج الحديث أيضا الطبراني بلفظ «البيعان إذا اختلفا في البيع ترادا» قال ابن حجر: رواته ثقات لكن اختلف في [عبد الرحمن بن صالح] يعني الراوي له عن فضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود قال: وما أظنه حفظه فقد جزم الشافعي أن طرق هذا الحديث عن ابن مسعود ليس فيها شيء موصول، قلت: عبد الرحمن بن صالح العتكي وثقه ابن معين وأبو حاتم ولعل العتكي هذا الازدي احد محدثي الأصحاب ولذا قال أبو داود: كان يضع مثالب في الصحابة وأما ظن ابن حجر فلا يغني من الحق شيئا، وجزم الشافعي ليس بشيء إذ لم يحط بكل شيء علما ومن علم حجة على من لا يعلم، كيف وقد صح اتصال الحديث بابن مسعود كما ذكرنا أنفا وأخرجه أيضا النسائي والبيهقي والحاكم من طريق عبد الرحمن بن قيس بالإسناد الذي رواه أبو داود كما سلف، وصححه من هذا الوجه الحاكم وحسنه البيهقي وأخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند من طريق القاسم بن عبد الرحمن عن جده بلفظ «إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة ولا بينة لأحدهما تحالفا»، وأخرجه من هذا الوجه الطبراني والدارمي وقد انفرد بقوله «و السلعة قائمة ..» [محمد بن أبي ليلى] قالوا: ولا يحتج به لسوء حفظه، قلت: تقدم الكلام عليه أنفا، وقد اخطأ الخطابي في قوله أن هذه اللفظة يعني والسلعة قائمة لا تصح من طريق النقل، كيف وقد اخرج معناها ابن ماجة وكذلك أحمد؛ وابو وائل الراوي لقوله «والبيع مستهلك ..» في حديث الدار قطني هو عبد الله بن بحير بكسر المهملة المرادي [أبو وائل الصنعاني] القاص شيخ عبد الرزاق وغيره، قال ابن معين: ثقة اخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة وقال ابن حبان: يروي العجائب التي كأنها معمولة لا يحتج به قال القاضي محمد: فعلى هذا لا يقبل ما تفرد به أبو وائل، قلت: إذا ثبت الوثاقة والعدالة في الراوي فإنها توجب القبول والعمل بها كما هو مقرر في محله وأما كونه يروي العجائب التي تخالف مذاهبهم خصوصا إذا كانت في فضائل آل محمد فلا يضر تفرده بها وليست مما تُخِل في عدالته إذا لم تخالف قاطعا بل يجب قبولها والعمل كما هو مقرر في الأصول، وأما قوله في حديث زيادة المسند «تحالفا ..» فقال ابن حجر: لم يقع عند احد منهم وإنما القول قول البائع أو يترادان البيع اهـ.

  قال: ابن عبد البر: هذا الحديث منقطع إلا انه مشهور الأصل عند جماعة تلقوه بالقبول وبنوا عليه كثيرا من فروعه وقال الخطابي: هذا حديث قد اصطلح الفقهاء على قبوله وذلك يدل على أن له أصلا وان كان في إسناده مقال كما اصطلحوا على قبول «لا وصية لوارث ..» وإسناده فيه مقال اهـ، قلت: أما حديث «لا وصية ... الخ» فسياتي تصحيحه في موضعه إن شاء الله بطرق ثابتة لا كما توهمه الخطابي فيه، وحديث ابن مسعود أعله ابن حزم بالانقطاع وتابعه عبد الحق، قلت: ثبت وصله كما تقدم لكن أعله هو وابن القطان بالجهالة في عبد الرحمن وأبيه وجده قلت: قد روي من غير طريق ابن قيس فلا وجه لإعلاله.

  قوله: «إذا اختلف ..» الخ عن ابن مسعود عن النبي ÷ «إذ اختلف البيعان فالقول ما يقول البائع والمبتاع بالخيار» رواه الأمير الحسين [#] في الشفاء، وكذا رواية العلوم وصحح عدالة رواته.

  قوله: لحديث المجموع الخ عن علي # قال: البينة على المدعي واليمين على المنكر - اهـ وعنه ÷ انه قال: «البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه» رواه في الأصول والشفاء من رواية ابن عباس، وأخرجه الطبراني وأخرجه أحمد ومسلم وبخاري أيضا وأخرجه البيهقي قال في بلوغ المرام لابن حجر: وإسناده صحيح وأخرجه الاسماعيلي بلفظ «ولكن البينة على الطالب واليمين على المطلوب»، وأخرجه البيهقي أيضا بلفظ «لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودمائهم ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر» وهذه الألفاظ كلها في حديث ابن عباس فمن رام الترجيح بين الحديثين لم يصعب عليه ذلك بعد هذا البيان ومن أمكنه الجمع بوجه مقبول فهو المتعين.