نجوم الأنظار وتخريجه مواهب الغفار،

عبدالله بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

باب في من تحرم معاملته وتجوز

صفحة 491 - الجزء 1

باب في من تحرم معاملته وتجوز

  فمن ماله حرام حرم معاملته كالبغي والكاهن لنهيه ÷ عن حلوان الكاهن، ومهر البَغِيِّ - فان كان الأكثر حلالا جاز لفعله ÷ مع أبي شحمة [١٨] ما لم يظن انه حرام فلا؛ لوجوب العمل بالظن في كثير من الأحكام، ولقوله ÷ «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» [١٩].

  وتجوز معاملة الظالم فيما لم يظن تحريمه إذ الأصل الإباحة، ولفعل المسلمين مع الكفار من غير نكير [٢٠]، فان التبس فالظاهر المنع لخبر النعمان، ونحوه [٢١]، وهذا حيث يلتبس ما في يد الشخص الواحد؛ فأما حيث يلتبس الشخوص، ولا يتميز منهم ذو الحلال من الحرام فيجوز ذلك مع فقد ظن التحريم اتفاقا.

  قلت: ويحرم بيع ما فيه إعانة لظالم على ظلمه كالسلاح ونحوه للوعيد لأعوان الظلمة [٢٢]، (الهادي) ويكره بيع العنب والعصير ممن يخمره، وحكى الشيخ ابن أبي الفوارس الإجماع على الجواز، قلت: لا مع القصد فيحرم إجماعا حكاه في الروض وغيره.


  باب فيمن تحرم معاملته

  قوله: لفعله روي أن النبي ÷ رهن درعا له عند أبي شحمة اليهودي بالمدينة على طعام اخذه منه - رواه في الشفاء، وأخرجه من حديث أنس أحمد وبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة واخرج نحوه بخاري ومسلم من رواية عائشة ولأحمد والنسائي وابن ماجة والترمذي وصححه من حديث ابن عباس مثله.

  قوله: لنهيه عن حلوان الكاهن ومهر البغي - تقدم.

  قوله: لقوله ÷ «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» تقدم من رواية أبي طالب.

  قوله: لفعل المسلمين روى الهادي بسنده في الأحكام أن النبي ÷ بعث ببعض ما كان يغنم فباعه من المشركين واشترى به سلاحا وغيره مما في أيديهم.

  قوله: لخبر النعمان روى النعمان بن بشير قال: سمعت النبي ÷ يقول «الحلال بين والحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهات لا يعرفهن كثير من الناس فمن تركهن استبرأ من الدنية⁣(⁣١) ومن واقعهن واقع الحرام ومثل ذلك مثل رجل رعى حول الحمى فيوشك أن يرتع فيه ألا لكل ملك حمى وحمى الله في الأرض محارمه» هذا لفظ أمالي أبي طالب والحديث رواه في العلوم والأصول والشفاء وأخرجه بخاري ومسلم، ويشهد لهذا قول علي: إن الله حد حدودا فلا تعتدوها وفرض فروضا فلا تنقصوها وامسك عن أشياء لم يمسك عنها نسيانا بل رحمة من الله لكم فاقبلوها ولا تكلفوها: حلال بين، وحرام بين، وشبهات بين ذلك فمن ترك ما اشتبه عليه فهو لما استبان له اترك، والمعاصي حمى الله فمن رتع حولها يوشك أن يواقعها - رواه أبو طالب في أماليه، وفيها عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله ÷: «بئس القوم يستحلون الشهوات بالشبهات كل قوم على ريبة من أمرهم ومفلجة عند أنفسهم يردّون على من سواهم يبين الحق في ذلك بمقاييس العدل عند ذوي الألباب»، وعن القاسم بن إبراهيم عن أبيه عن جده عن أبيه عن الحسن بن علي # قال: قال رسول الله ÷: «لا يكون العبد مؤمنا حتى يحاسب نفسه اشد من محاسبة الشريك لشريكه والسيد لعبده ويعلم ما مطعمه وما مشربه وما ملبسه من حلال ذلك أم من حرام»، وقال: «قال إبليس: ابن آدم إذا نلت منك ثلاثا ما أبالي كيف كانت حالك إذا اكتسبت المال من غير حله و انفقته في غير حله و منعت منه حقه» رواه أبو طالب في أماليه.

  قوله: للوعيد قال الهادي إلى الحق في الأحكام: بلغنا عن أبي جعفر محمد بن علي | انه كان يروي ويقول: إذا كان يوم القيامة جعل سرادق من نار وجعل فيه أعوان الظالمين ويجعل لهم أظافر من حديد يحكون بهم أبدائهم حتى تبدوا أفئدتهم فيقولون ربنا ألم نعبدك قال بلى ولكنكم كنتم أعوانا للظالمين - اهـ، وفي ينابيع النصيحة للأمير الحسين عن النبي ÷ انه قال: «إذا كان يوم القيامة نودي أين الظلمة وأعوان الظلمة وأشباه الظلمة حتى من برى لهم قلما أو لاق لهم دواة فيجمعون في تابوت من حديد ويرمون في جهنم» قال في التخريج: حكاه في الشفاء وغيره.


(١) الرواية المشهورة استبرا لدينه. تمت.