فصل في الفسخ بالكفر
  فصل «٣» في الفسخ بالكفر: وردة احد الزوجين تقتضي الفسخ إجماعا، (الإمام) وتبين بانقضاء العدة وحكى (ابن عبد البر) الإجماع على ذلك، وإذ لم يفسخ نكاح هند بإسلام أبي سفيان ولا عكرمة وصفوان [٩٣]، وإقامة احد الزوجين على الشرك بعد إسلام صاحبه بمنزلة الردة في هذا الباب.
  (الهدوية وأبو حنيفة وأصحابه) فإن ارتدا معا فلا فسخ إذ لم تختلف ملتهما، وإذ لم يفرق الصحابة بين من ارتدوا لما رجعوا إلى الإسلام [٩٤].
  فإن اسلما معا فلا فسخ إجماعا، ولا أمر ÷ من اسلم بتجديد النكاح [٩٥] وإلا لنقل. (الهدوية والإمام ثم الشافعي) ولا فسخ باختلاف الدار مع اتفاق الدين إذ لا موجب له.
  فصل «٤» في الفسخ بالإسلام: إذا اسلم احدهما دون الآخر انفسخ النكاح إجماعا (الإمام) فالحربية المدخولة إنما تبين بمضي العدة فهي قبل مضيها كالمطلقة رجعيا وليس له مداناتها مع الكفر، فإن مضت العدة قبل الإسلام بانت [٩٦] لآية التحريم.
فصل في الفسخ بالكفر
  قوله: إذ لم ينفسخ نكاح هند بإسلام أبي سفيان ولا عكرمة وصفوان، روي أن أبا سفيان اسلم بمر الظهران(١) وزوجته هند مشركة فرجع إليها فاسلمت فاقاما على النكاح الذي كان بينهما ولم يأمرهما رسول الله ÷ بإعادة النكاح - رواه في الأصول وهو مشهور في كتب السير، وأخرجه في الموطا والبيهقي، وروي أن رسول ÷ لما فتح مكة أمّن الناس إلا خمسة منهم عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية فهرب صفوان إلى الطائف وعكرمة إلى الساحل فأسلمت امرأة كل واحد منهما وأخذت امرأة عكرمة له أمانا من النبي ÷ وخرجت إليه وعاد فاسلم واخذ لصفوان الأمان وعاد أيضا واسلم ولم يحكم النبي ÷ بانفساخ النكاح - هذه رواية تتمة الشفاء ونحوها في الأصول وأخرجها الموطا وابن سعد في الطبقات إلا انه قال: كان بين إسلام صفوان وبين إسلام زوجته نحوا من - شهر قال ابن عبد البر: وشهرت حديثه يعني صفوان أقوى من إسناده.
  قوله: لما رجعوا إلى الإسلام قال في الأصول: وقد ثبت أن من ارتد بعد النبي الله ÷ من امرأته ثم رجع إلى الإسلام قبل انقضاء عدة امرأته أقام على الزوجية ولم يرو عن احد من الصحابة أنه أمر بتجديد نكاح - فجرى مجرى الإجماع انتهى.
  قوله: ولا أمر ÷ الخ عن النبي ÷ انه لم يكن يأمر الذين اسلموا على عهده بإعادة النكاح الذي كانوا عليه في الجاهلية - رواه في الأصول، وعن ابن عباس قال: أسلمت امرأة على عهد النبي فتزوجت رجلا غير زوجها فقال: يا رسول الله إني قد أسلمت معها وعلمت بإسلامي فنزعها رسول الله ÷ من زوجها الأخير وردها على زوجها الأول - رواه في العلوم، وفي سنده اضطراب وقد تكلم على بعضهم، وأخرجه أبو داود.
  قوله: بانت عن ابن شهاب لم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى الله والى رسوله وزوجها كافر مقيم بدار الكفر إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها إلا أن يقدم زوجها مهاجرا قبل انقضاء عدتها وانه لم يبلغنا أن امرأة فرق بينها وبين زوجها إذا قدم وهي في عدتها - أخرجه في الموطا وابن سعد في الطبقات، وعن ابن عباس قال: كان المشركون على منزلتين من النبي ÷ ومن المؤمنين كانوا مشركي أهل حرب يقاتلهم ويقاتلونه ومشركي أهل عهد لا يقاتلهم ولا يقاتلونه وكان إذا هاجرت امرأة من أهل الحرب لم تخطب حتى تحيض وتطهر فإذا طهرت حل لها النكاح وان جاء زوجها قبل أن تنكح ردت إليه - أخرجه بخاري.
(١) بفتح الميم وتشديد الراء: موضع بقرب مكة. تمت.