باب التعزير
  الأول: ما تلعب فيه المباشرة، وذلك كأن يلقيه رجل من شاهق وتلقاه آخر بسيف فقده نصفين، فلا قصاص على الملقي، والقاه صار بمنزله الشريط، والقصاص على المباشر، والمباشرة مشبهة للعلة.
  والثاني: ما يغلب السبب، وهو حيث لا تكون المباشرة عدوانا، وهذا كشهادة الزور مع الحاكم.
  الثالث: ما وقع فيه التردد والخلاف، وذلك، كالمكره الأمر مع المكره المأمور.
  فإن اجتمع السبب والمباشرة، لكن المباشرة من جهة البهيمة والسبب من الآدمي، وذلك كأن يلقيه في البحر فيلتعمه الحوت، فإن كان الماء لا يغرق، والملقي لا يشعر بالحوت وجبت الدية، دون القصاص، وإن كان يغرق، ففي لزوم القصاص تردد.
  المختار: أنه يجب القصاص إن التقمه من فوره، وإلا فالدية ويخالف لو ألقاه في بئر عميق، وفي قعرها نصل منصوب، فإن القصاص يجب هنا، لأن الحوت له اختيار فلهذا وقع فيه التردد.
  فإن القى عليه حية أو عقربا، فلا قود لأن لهما اختيار وهما يفران من الإنسان.
  وإن جمع بينه وبين سبع في بيت، فافترسه السبع، وجب عليه القصاص، لأن السبع في المضيق يتشجع، وإن أغرا به كلبا في الصحرى، فلا قصاص، ويخالف البيت، لأن السبع في المضيق يتشجع. وفي الصحرى يتوحش.
  فإن طرأ سبب على سبب قدم الأقوى، وإن استويا في الحكم، كأن يحفر رجلان بئراً ظلما، فإن حفر كل منهما ما يوجب الهلاك، فالضمان عليهما معا، فإن حفر أحدهما ما يوجب الهلاك، والثاني ما [لا](١) يوجبه، فالضمان على من حفر ما يوجبه، وهكذا في نصب الخشبة المعنته.
(١) لا زائدة في ب.