باب الأمان
  ولما هرب صفوان بن أمية يوم الفتح واستأمنت له امرأته قال ÷: تسيح في الأرض أربعة أشهر رجاء إسلامه، وأسلم بعد ذلك.
  ولا يجوز عقد الذمة إلى غير مدة، لأن ذلك يقتضي التأبيد، وفيه إبطال الجهاد.
  ولا يجوز أن يهادنهم إلى مشيئة رجل من أهل الشرك، لقوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ١٤١}[النساء] ولا يجوز أن يهادنهم إلى أن يشاء أو يشاء رجل من المسلمين، لأنه ÷ صالح أهل خيبر مطلقاً، لكنه قال: «أقركم ما أقركم الله». وحكم الرسول ÷ سعد بن معاذ.
  ولا يبطل عقد الهدنة بموت الإمام ولا بانعزاله، لما روي أن نصارى نجران قالوا لأمير المؤمنين بعد ولايته للخلافة أن الكتاب بيدك وأن الشفاعة إليك، وأن عمر أجلانا من أرضنا وأبعدنا من أوطاننا فردنا إليها، فقال أمير المؤمنين: إن عمر كان رشيداً في أمره وإني لا أغير ما فعله، ولأن الإجتهاد لا ينقض الإجتهاد.
  وإذا عقد الهدنة لقوم من أهل الشرك وجب منع من أرادهم من المسلمين وأهل الذمة، لا من أرادهم من بعضهم بعضاً، ولا من أرادهم من أهل الحرب، بخلاف أهل الذمة، فيمنعهم من كل من أرادهم لالتزامهم الجزية.
  وإذا ظهرت قرينة قوية تدل على غدر أهل الشرك الذين عقد لهم الهدنة جاز نبذ العهد، ولا يكون إلا بأمر الإمام، لقوله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ٥٨}[الأنفال] وليس كذلك أهل الذمة إذا خاف منهم خيانة، فإنه لا ينقض الذمة أو على من كان حليفاً له، لأن الرسول ÷ عقد الهدنة بينه وبين قريش عام الحديبية لست من الهجرة على أن يعود معتمراً في سنة سبع، ويقيم بمكة ثلاثة أيام فعاد معتمراً، وخرجوا من مكة وقالوا: لا يدخلها ونحن فيها، فقال لهم: إني أريد أن أتزوج فيكم وأصنع