فصل: في الهجرة
  خلاف في جواز دخولها برسالة إلى الملك أو بتجارة أو لرد وديعة، فإن عدم هذان الوصفان، فلم يطلبه الإمام ولا حمل على منكر، لكنه غير متميز، فقال القاسم والهادي: تجب الهجرة، وهو المختار، لأنه يعرض نفسه للقتل، وأولاده للسبي، وماله للأخذ، وقد قال ÷: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقف نفسه مواقف التهم».
  والظاهر من مذهب م، أنه يجوز الوقوف في دار الشرك، وأن الهجرة غير واجبة، لقوله ÷: «لا هجرة بعد الفتح». وهو عام، وللأول قوله ÷: «أنا بريء ممن أقام بدار الشرك سنة».
  وحكي عن قاضي القضاة أنه لا يحل المقام في أرض يظهر فيها الجبر والتشبيه، لقوله ÷: «لا يحل لعين ترى الله يعصى فتطرف حتى تغير أو تنتقل». والمختار: جواز ذلك، إذ لا قبح في وقوفه، حيث لم يحمل على محظور أو ترك واجب، وإذا كان النكير ساقطاً عنه جاز الوقوف.
  وأيضاً الوقوف في دار الكفر جائز، أصله وقوف الرسول ÷ وأصحابه بمكة ومن الناس من زعم أنه لا يجوز الوقوف في بلد البغاة والخوارج، والبلد الذي التي تظهر فيها المعاصي الفسقية، كالشرب والزنى، والبلد الذي يغلب عليها السلطان الجائر بظلمه، وهو باطل، لأن وقوفه فيه غرض قبيح ومنفعة لنفسه ولا شيئ فيه من أنواع القبح فوجب القضاء بحسنة.
  والسكوت عن إنكار المنكر إذا كان معذوراً عن النكير ليس فيه رضا فكيف إذا أظهر الكراهة بقلبه ولسانه.