الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

كتاب الزكاة

صفحة 218 - الجزء 1

  التأويل الثالث: ما روي عن عائشة من إنكار لفظ هذا الحديث، وأنها قالت: والله ما حدث رسول الله بهذا الحديث، وإنما قال: «إن الميت ليزداد في عذابه ببكاء أهله حسبكم القرآن». قال الله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}⁣[فاطر: ١٨]. ويستحب للرجال زيارة القبور والدعاء لهم، لما روي أنه مر بالقبور، فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله عن قريب لاحقون بكم. اللهم اغفر الأهل بقيع الغرقد.

  فأما النساء فلا يجوز لهن، لقوله ÷: «لعن الله زوارات القبور». ولا يكره المشي في القبور بالنعال عند أئمة العترة والفقهاء.

  وعند أحمد بن حنبل، يكره ذلك.

  والحجة على الجواز قوله ÷: «إن الميت ليسمع خفق نعالهم». فظاهره الجواز، ويكره وطء القبور والجلوس عليها، لقوله ÷: «لأن يجلس أحدكم على نار فيحرق ثوبه وتصل إلى بدنه أحب إلي من أن يجلس على قبر».

  أما إذا دفنوا في الطريق جاز الوطء لأنه لا حق لهم.

  ويكره المبيت في القبر لما فيه من الوحشة.

  ويستحب إذا عمر على قبور الأئمة والفضلاء مشاهد أن تكون منفصلة عن المسجد حتى لا يكونوا داخلين في النهي، كما يفعلون الآن في مساجد الأئمة، وفي الحديث: «لا تتخذوا قبري وثناً، وإنما هلك بنو إسرائيل باتخاذ قبور أنبيائهم مساجد».

  وما قاله محمد بن يحيى: في تعزية أهل الذمة، لا وجه له؛ لأن من آمن من بموسى يستحق ثوباً، لكن يقال: كثر الله عددكم، وأعاضكم عن ميتكم؛ لأن الله يفعل ذلك لهم، ولأن بكثرة العدد تكثر الجزية.

كتاب الزكاة