الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

فصل: في الاستنجاء

صفحة 33 - الجزء 1

  والوجه في تقديم اليسرى دخولاً، أنها مواضع خبيثة، وإنما كانت خبيثة لحضور الشياطين فيها، وفي الحديث: «أن هذه الحشوش محتضرة» أي يحضرها الشياطين.

  وما روي عن ابن عمر أنه قال: اطلعت يوماً على بيت حفصة فرأيت رسول الله ÷ قاعداً على لبنتين مستدير القبلة مستقبل الشام.

  إن قيل فيه: كيف جاز النظر إلى رسول الله؟ قلنا: لأنه معلم الشرائع والأحكام، فجاز الاطلاع عليه في كل أحواله ليتعرف ذلك منه، أو كان ذلك مفاجأة أو لم ير له عورة لكنه رأى ظهره وأعالي بدنه.

  والظاهر من مذهب العترة، وقد صرح به ص بالله وهو رأي الغزالي وهو الذي نختاره: أن بيت المقدس كالكعبة استقبالاً واستدباراً.

  والحجة خبر معقل بن أبي معقل أنه ÷ نهى عن استقبال القبلتين بغائط أو بول.

  ونسخ الاستقبال لا يبطل الحرمة كالتوراة والإنجيل، فإن الحرمة لهما باقية، ولهذا قال الرسول ÷، لما أراد أن يحكم بين اليهود في الزنا بما في التوراة، وقد أنكرت أن يكون فيها حكم الرجم، فقال: «ائتوني بها» وقام لها عند إقبالها، وقال: «آمنت بمن أنزلك».

  وقال صاحب الشامل، وصاحب البيان: إن النهي خاص عن الكعبة، وقالوا في حديث معقل أنه قاله حين كان بيت المقدس قبلة، ونهى عن الكعبة حين كانت قبلة.

  فجمعهما الراوي وقال: هذا في أهل المدينة ونحوهم؛ لأنهم إذا استقبلوا بيت المقدس استدبروا الكعبة.

  والمختار: عدم الكراهة في استقبال الشمس والقمر، كما هو رأي الهادي، والقاسم وم وط والأكثر.