الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

باب: نفقة الوالد

صفحة 556 - الجزء 1

باب: نفقة الوالد

  روى جابر أن رجلاً أتى الرسول ÷ فقال يا رسول الله: إن أبي يأخذ مالي فينفقه، فقال الأب: إنما أنفقه يا رسول الله على إحدى عماته أو إحدى خالاته، فهبط جبريل ~ فقال: يا رسول الله سل الأب عن شعر قاله، فسأله رسول الله عن ذلك، فقال الأب: إن الله وله الحمد والمنة يزيدنا بك كل يوم وليلة [يقينا]⁣(⁣١)، والله لقد قلت: هذا الشعر في نفسي ولم تسمعه أذني، ثم أنشأ يقول:

  غَدْوَتُكَ مولوداً وَعُلْتُكَ يافعاً ... تُعَلُّ بِما أُحنيَ عَلَيْكَ وَأَنهلُ

  إِذا لَيلَةٌ ضَاقَتْ بِكَ السُّقْمُ لَم ... أيت لِسُقْمِكَ إِلَّا سَاهِراً أَتَملمَلُ

  كأني أنا المروقُ دونك بالذي ... طرقت به دونِي فَعَينايَ تَهمُلُ

  فَلَمّا بَلَغَت السِّنَ وَالغَايَةَ الَّتى ... إِليها مدى ما فيكَ كُنتُ أُؤَمِلُ

  جَعَلتَ جَزائي غِلظَةً وَفَظَاظَةً ... كَأَنَّكَ أَنتَ المُنعِمُ الْمُتَفَضِلُ

  فَإِن لَم تَكُنْ تَعْرِفْ بِحَق أُبوتي ... فَكُنْ لي كَمَا الجَارُ المُجاوِرُ يَفْعَلُ

  قال جابر، فقبض رسول الله بتلابيب الابن، وقال ÷: «أنت ومالك لأبيك» قالها ثلاثاً يكررها. قال الإمام: وإنما أمرت الأم بالانفاق على الولد ويرجع على الأب المعسر، لأن نفقة الأولاد دين على الأب، كنفقة الزوجات على رأي الهادي.

  والموسر إذا لم يقدر، إلا على نفقة واحد من أبيه المعسر وابنه المعسر، ففي التقديم احتمالات ثلاثة يحتمل: أن يقدم الاب، لأن حرمته أكد، ولهذا لا يقاد بالابن.

  ويحتمل: أن يقدم الابن، لأن نفقته ثابتة بنص القرآن، والأب بالاجتهاد.

  ويحتمل: أنهما سواء، فيقسم بينهما من غير تفضيل لاستوائهما في الدرجة.


(١) كلمه يقيناً: سقطت في ب.