الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

فصل: وتملك المحقرات بالاستيلاء والقبض.

صفحة 6 - الجزء 2

  ومن علم أن أكثر ماله حلال، جاز مبايعته، وإن علم أن أكثره حرام لم يجز عملا على الأكثر. وروي: أن رسول الله ÷ ورهن درعه عند أبي شحمة اليهودي على شعير أخذه وكانوا يتصرفون بالخمر والربا.

  وروي أن رجلاً سأل ابن مسعود، فقال إن لي جاراً يربي، فهل لي أن آخذ منه، فقال: لك مهنؤه وعليه مأثمه.

  وذكر الامام علي بعد هذا أنه يكره الأخذ، ويجوز لأجل اليد.

  وتكره مبايعة الظلمة إذا شك هل المال حلال أو حرام، فمن اتقى الشبهات فقد استبرئ لدينه. وأما ما عمله حراماً، فلا يحل أخذه، وفي الحديث عنه ÷: «لأن أترك درهماً من حرام أحب إلي من أن أتصدق بمائة ألف درهم ومائة ألف درهم ومائة ألف درهم. قالها ثلاث مرات».

  وذكر الهادي في الأحكام: أنه يكره بيع العصير ممن يتخذه خمراً، فإن باع كان جائزاً. قال م بالله: وذلك محمول على من شك أنه يجعله خمراً. أما إذا علم لم يجز، لأنه معاونة على المعصية، وكذا إذا غلب ظنه، وقد قال ÷: «لعن الله بائعها وعاصرها ...».

  وحكي عن أبي حامد الاسفراييني من اص ش: أنه يجوز بيع كتب الحنفية إلى الكفار، لأنه لا آثار فيها من جهة الرسول ÷ ولا يجوز بيع كتب الشافعية، لأن فيها الآثار، وهذا لا وجه له، بل هو عصبية لمذهبه، وذلك لأن كتب الحنفية مملؤة من الأحاديث، لكنهم ربما حكموا النظر على الأخبار في تخصيص عموم القياس، أو عند معارضة الخبر للقياس، فإنهم يعولوا عليه.

  ولا يكون بيع القياس ونحوها من الظلمة إعانة لهم، لأن الاعانة إنما تكون بالقصد. وقول الهادي: وتكون تجارته في أقل الأشياء منافع للظالمين، محمول على كراهته تمكينهم، ولا ولاية السيد على الرقبة والزوج على المنفعة، ولا يبطل بالفسق.