الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

كتاب: المضاربة

صفحة 109 - الجزء 2

كتاب: المضاربة

  هي مشتقة من الضرب في الأرض، أو من الضرب في المال، وهو التقلب فيه أو من حيث أن كل واحد يضرب بسهم في الربح، والمضارب، بكسر الراء هو العامل الذي يضطرب في المال، ولم يشتق لرب المال في المضاربة إسم، وإنما يضاف إليه المال، وأهل الحجاز يسمون المضاربة قراضاً، مشتقة من القرض، وهو القطع، لما قطع رب المال للعامل قطعة أو من المقارضة وهي المساواة، يقال: تقارض الشاعران إذا استويا في المشاعر في المدح والذم، لما كان العامل وصاحب المال مستويين في العناية أو في الربح والمقارض بكسر الراء المالك وبفتحها العامل.

  ومن الدليل على صحة المضاربة أنه ÷ وهم يتعاملون بها فأقرها.

  وعن علي # أنه قال في المضارب يضيع منه المال: (لا ضمان عليه والربح على ما اشترطا، والوضيعة على رأس المال) وقد قارض عثمان وابن مسعود، وحكيم بن حزام.

  فأما ما روي أن أبا موسى أسلف عبدالله وعبيد الله ابني عمر مالاً وهو [عامل]⁣(⁣١) على العراق، فابتاع به وربحا فأتيا عمر، فقال: ابنا أمير المؤمنين أ أسلفكما أديا المال وربحه، فقال عبدالرحمن بن عوف: يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضاً، فقال: قد جعلته قراضاً، فأخذ رأس المال ونصف بالربح وهو يقال: كيف يساغ له الأخذ، وقد ملكا المال وربحه، فالجواب من وجوه: أحدها: أن أبا موسى خاف على مال بيت المال، فأقرضه، وعمر أخذ نصف الربح باستطابة أنفسهما، ومثل هذا جائز.

  الثاني: أن أبا موسى أقرضهما تقرباً إلى. عمر، فكان تصرفهما لمكان المسلمين، فاستحقا أجرة المثل وبلغت نصف الربح.


(١) عامل: بياض في أ.