الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

المصطلحات الفقهية

صفحة 7 - الجزء 1

  وإن كان فضلهم وعلمهم لا ينكر أنه ليس للعوام، ولا لمن فرضه التقليد أن يقلدهم؛ لأنه لم يكن منهم اعتناء بتقدير⁣(⁣١) ولا بتقرير مسائل الفقه، وإيضاح طرقه، وترتيب أبوابه، فإنما كان همتهم إحياء معالم الدين، وتقرير قواعد الإسلام بالذب عنه بالسيف، وإنما كان الاعتناء للتابعين وتابعيهم إلى يومنا هذا.

  وذكر الجماهير من العلماء أنه لا يجوز تقليد الميت ولا العمل برأيه.

  والمختار: جوازه للضرورة، ولإجماع أهل عصرنا، والإجماع حجة في كل عصر، ولقصور زماننا، فإن أحداً لا يلحق بأدناهم. وقد قال ÷: «من عام إلى عام ترذلون».

  وتقليد أهل البيت أرجح من غيرهم، لوروده إلينا من الله ورسوله، قال الله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}⁣[الشورى: ٢٣]، وقال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ٣٣}⁣[الأحزاب].

  وقال النبي ÷: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي»، وقال ÷: «أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى». إلى غير ذلك من الأخبار.

  وفي هذا دليل على تزكيتهم، وأدنى الدرجات كونهم أحق بالتقليد، ولما اختصوا به من الشيم المحمودة من العلم والدين والورع، وكل من اطلع على سيرهم عرف مراقبتهم الله تعالى في الإقدام والإحجام، وشدة الورع، ثم صحة اعتقادهم. وأن الذي طبق الأرض ذات الطول والعرض، ك، وح وش، وغيرهم من أحمد بن حنبل، وسفيان، لم يكونوا كهؤلاء، فأماك ابن أنس فلا يشق غباره في ضبط الأخبار، لكن استرسل في الاستصلاح حتى أداه إلى إهدار


(١) بتقدير: ساقطة في (ب).