فصل: فيما يمنع من قبول الشهادة بعدم العدالة أو لا يمنع
  طلع البر علينا ... من ثنيات الوداع
  وجب الشكر علينا ... مادعا الله داع
  والرسول ÷ ما سمعه ولم ينكره. وروي عنه ÷ أنه قال: «أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبدالمطلب».
  فمن الناس من قال: ليس هذا شعراً، وإنما هو كلام موزون.
  ومنهم من قال: هو شعر.
  ويروي أنه قال: «هل أنت إلا اصبع دميت وفي سبيل الله ما لقينا».
  وروي أنه ÷ وفد عليه الشعراء فمدحوه، واعطاهم، فأعطى كعب بن زهير بردة كانت عليه ابتاعها منه معاوية بعشرة آلاف درهم وقيل: أنها مع الخلفاء إلى اليوم يتباركون بها.
  ومن هجا مسلماً في شعره فسق بذلك وفي الحديث: «من أذى مسلما فقد أذاني ومن أذاني فقد اذى الله ومن أذى الله لعنه الله»، وتلى قوله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ٥٧}[الأحزاب]، وإن هجا فاسقاً أو كافراً، فلا بأس، لأن الرسول ÷ قال لحسان: «أهج قريشا وجبريل معك»، وروي أنه قال: «أهج قريشا فإن الهجو أشق عليهم من رشق النبال».
  وإن شبب بامرأة بفحش فسق أو كان قاذفاً وإن لم يذكرها بفحش، لكن وصفها فإن كانت مغنية، وهي غير زوجته وامته فسق بذلك لأنه ليس له التعريض بها بلفظ قبيح وإن ذكر امرأة مطلقة لم ترد شهادته، لأنه يحتمل أنه أراد زوجته أو جاريته.
  وإن أفرط في مدح إنسان ردت شهادته، لأنه يكون كاذبا، وهذا فيه نظر، لأن هذا يقال له: الغلو، وقد اغتفره الشعراء وعدوه من المدح، كما فعله أبو الطيب وغيره.