الإستبصار في مختصر كتاب الإنتصار،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

فصل: فيما يمنع من قبول الشهادة بعدم العدالة أو لا يمنع

صفحة 328 - الجزء 2

  والحيدا: لفظه ممدود، كالدعاء وهو مباح وهو مما يستعمله الجمالون في الأسفار يحثون به الإبل. وعن ابن عباس أنه كان مع النبي ÷ في الليلة التي نام فيها عن الصلاة في سفر وكان عبدالله بن رواحه. جيد الحداء وكان مع الرجال، وكان أَنْجَشَةُ مع النساء، فقال النبي ÷ العبد الله بن رواحه: حرك بالقوم فإندفع ينشد وتبعه أنجشَه، فأعنقت الإبل في السير، يعين اسرعت، ومدت الأعناق، فقال الرسول ÷: «رويدك يا أنجشة رفقا بالقوارير»، يعني النساء، وشبهها بالقوارير، لاسراعها إلى الانكسار.

  وروي أنه ÷ كان في سفر فلقي ركباً من بني تميم، فقال لهم: «مرو احاديكم أن يحدوا أول الليل فإن حادينا ينام أوله ويحدو آخره» فقالوا: نحن أول العرب حدا، قال: «ولم ذلك؟» قالوا كان بعضنا يغير على بعض، فاغار رجل منا على قوم فاستاق إبلهم فَنَدَّت عليه، فضرب غلامة على يده فصاح وايداه، وايداه فاجتمعت الإبل لصوته، فاتخذوا الحداء من ذلك اليوم، «فتبسم الرسول ÷ من كلامهم، وقال: من أين أنتم»، فقالوا: من مضر، فقال: «وأنا من مضر».

  والأصوات المكتسبه من الالات محظورة ومباحة، فالأول، نحو: العيدان، والطنابير، والبربط، والمزامير، والمعازف والرباب، وغير ذلك من الألحان الطيبة، لأنها من لهو الحديث، وعنه ÷: «تمسخ أمة من أمتي لشربهم الخمر وضربهم الكوبة والمعازف»، والكوبة طبل المخنثين: وهو طبل طويل فتسع الطرفين ضيق الوسط، والطبول كلها مباحة، إلا هذا الطبل، وعنه ÷: «إذا ظهر في أمتي خمس عشر خصلة حصل بهم البلاء، إذا كانت الغنيمة دولة: أراد يتداولها الناس من غير قسمة، والأمانة مغنما يريد أن المستأمن يأكلها، والزكاة مغرماً، وأطاع الرجل زوجته، وبر صديقه وجفا أباه وعق أمه، وارتفعت الأصوات في المساجد، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل مخافة شره،