الحروف
  فإنهما يدلان على معنى في أنفسهما، نحو: (جئت من البصرة)، فإن جئت تدل على معنى، وهو المجيء، والبصرة تدل على معنى البلد المعروف وهو مسماها، وأمّا (من) فتدل على معنى وهو ابتداء المجيء وهو غير (من) وقد أورد على هذا الحد اعتراضات.
  الأول: إذا كانت (من) الابتداء إلى الانتهاء وفي الشيء يعني وسطه ونحو ذلك لزم أن يكون الابتداء والانتهاء حروفا فيدخل في الحد ما ليس منه أو يكون (من) و (إلى) و (حتى) ونحوهما، أسماء فيخرج من الحد ما هو منه بل كله لأنه لا شيء من الحروف إلا [ظ ١٣٠] ومعناه اسم، فحروف النفي معناها النفي، وحروف العطف معناها العطف، وحرفا الاستفهام معناهما الاستفهام، وهذه أسماء وأجيب بأن هذه الحروف تفيد ابتداء وانتهاء ووسطا مقيّدا، وإطلاقها من غير تقييد تسامح، وأما الابتداء والانتهاء والوسط، فهذه الألفاظ تقيدها من غير نظر إلى تقييد بغيرها، ولا مانع من أن تضع العرب (من) لابتداء مفيد، والابتداء يفيد الابتدائية مطلقا، وكذلك سائر الحروف، نحو (كاف التشبيه) فإنها بمعنى (مثل) وهو اسم وبمعنى (فوق) وهو اسم، وأيضا قد يكونان اسمين وحرفين، فإن (مثل) تفيد مشابهة مطلقة، والكاف مشابهة مقيدة، و (فوق) فوقية مطلقة، و (على) فوقية مقيدة، والمراد بالمطلق أنها صالحة للتقييد والإطلاق، وأما الحروف فلا تقيّد معانيها إلا بالتقييد الثاني أسماء الاستفهام والشرط والمعاني، كالقيام والقعود والصفات، كالقائم والقاعد، وهي دالة على معنى في غيرها، لأن يستفهم عن فعل وشرط